الاقتصادي هو المنبع الأصيل لكل أولئك.
فإذا أمكن للعلم ـ بمعجزاته وقوته الهائلة ـ أن يسيطر على الاقتصاد ، واذا امكن له أن ينتشر هو وتنتشر آثاره المحمودة على الجماهير فقد استطاع حذف الفوارق ، وازاحة العوائق ، وتزكية الطباع وتصحيح النظرات ، واستطاع آخر الأمر أن يقيم الصلات الحسنة في المجتمع ، وأن يشق منها أنظمة مثالية للإجتماع وقوانين نموذجية للسياسة ، وأن يقود الانسان الى خير ما يمكن من غاية واسعد ما يتوقع من حال.
هذا ما يقوله فريق كبير من الناس ، وهذا مثال مبسوط لما يحتج به على ما يقول. ويبدو أن هذه الفئة شديدة الإيمان بالعلم الى حد الافراط. ولا غضاضة في أن يكون الانسان كبير الثقة بالعلم قوي الإيمان بمقدرته في حدود يؤمن العلم لنفسه فيها بالقدرة ، أما أن يؤمن أحد بما لا يؤمن به العلم لذاته فهذا هو السرف الذي لا يقبل الحدود.
ان العلم لا يجهل حدوده ولا يغلو في قدرته لأن العلم لا ينقلب جهلا ، وحقائقه لا تصبح ادعاءً ، ولكن المدعين يمدون الحقائق بالخيال ، ويخلطون الموهوم بالثابت !.
لقد قال ( دارون ) العالم الطبيعي المعروف : الانسان ينحدر الى نسب حيواني عريق ، وفسر بذلك فلسفة النشوء والارتقاء ، وتلك فكرة لاتزال يعوزها السند العلمي المتين ، ولنفرضها هنا مسلمة متيقنة لنتمشى مع الدليل.
وانحدر ( دارون ) مع الفكرة ، وكان من الحق أن يرتقي.
أجل. كان من الحق أن يرتقي ، فقد تطور
الحيوان ـ حسب الفرض ـ