لامناص من أن يكون واحداً لاكثرة فيه. لأن المبدأ الواحد والنهاية الواحدة لا يصل بينهما أكثر من خط مستقيم واحد.
ولا مناص من أن يكون جامعاً لا قصور فيه لأن الهدف منه هو الكمال الأعلى للانسان والكمال الأعلى وحدة تندمج فيها كل فروع الكمال ، فلا محيد من أن يكون السبيل إليه سبيلاً جامعاً ، ولا محيد من أن تكون النظرة فيه نظرة عميقة مستوعبة.
ولا مناص من أن يكون ثابتاً لا اضطراب معه لأن المنهاج القلق المضطرب لايقر وحدة ولا يفيد طمأنينة ولا يفي بضمان.
أقول : من الممتنع أن ينهض عقل مفرد أو عقول متعددة بهذا التشريع الوافي.
(١) فان للفكر البشري عوارض كثيرة تعتاقه عن النظر السليم ، وتحول بينه وبين النتائج السديدة ، وقد أومأنا من قبل الى بعض هذه المعوقات ، وهو لذلك قد تحول في رأيه وجوه الحكم فيستقبح ما هو حسن ويبيح ماهو محظور ، وقد تلتبس عليه المرجحات فيرتاب حيث لا مكان للريب ، ويتردد حيث لا مساغ للتردد ، ومن للعقل ( بذاته ) ان يتغلب على جميع هذه الآفات ، وقد عرفنا انها لاتخضع للحصر ؟
وبأية وسيلة يملك أن يحصيها ويلاحظها وبعضها لاشعوري كما تقدم ؟
وكيف يشعر بأنها عقبات معوقة ، وبعضها أثير لدى النفس مرغوب عندها ؟
أقول : كيف يملك العقل ( بذاته ) أن
يحيط بها كافة ، ثم يعلم ـ بعد الاحاطة بها ـ أنها آفات تنصرف به عن النظر الصحيح ، ليفكر في