الاحتراس منها على الاقل ؟
(٢) وهب أن قوى الحكم والموازنة في الانسان ملكت ان تصنع المعجزات ، وأن تتعالى على المؤثرات ، عليها جميعاً حتى على العقد اللاشعورية المترسية في نفس ذلك الكائن ، وحتى على الرغبات المكبوتة في العقل الباطن ، وامكن للانسان من ذلك ان يفكر تفكيراً سليما لا لبس فيه ، فهل يقوى كذلك أن يحيط بشتى المؤثرات على عامة العقول والنفوس والأمزجة في مختلف البقاع والأزمان والبيئات ، أقول هل يقوى ان يحيط علماً بجميع هذه العلل وبعلاجاتها ليقدم للانسانية بأسرها هذا الضمان القانوني الخطير ؟
(٣) وهب ان العقل ارتفع عن المؤثرات فاحرز لنفسه سلامة التفكير ، وأحاط بطواريء العقول وبعلل النفوس وادواء القلوب ، احاط بها كافة وبما يصلحها فأمكن له وصف العلاج ، فهل يتسنى له أن يضع القانون المطلوب وان يبتدئ برسم خطوطه قبل ان يتعرف حقيقة الانسان ، وحقيقة كون يحتويه ، وحقيقة حياة تشركه مع سائر الاحياء.
قبل أن يتعرف حقيقة الانسان لأنه الموجود الذي يريد أن يترسم له الكمال ويرتاد له السبيل ، وكمال الشيء ليس أمراً منفصلاً عن حقيقته ، وانما هي ذاته تتبلور وتنجلي ، ثم تسمو وتعتلي حتى تتبوأ أعلى حد من حدودها ، وتستوفي اكبر حظ من ( امكانياتها ).
وقبل أن يتعرف حقيقة الكون وحقيقة
الحياة لانهما البيئة الطبيعية لهذا الكائن ، التي تحتضن جميع نوعه وتنضج له كل طباعه ، وتطبع كل خصائصه ، وتصوغ كل أفكاره ومشاعره ، وتلون كل حركاته وأعماله ،