دستوراً لاجتماع الانسان وقانوناً لسياسته ونظاماً لاقتصاده ويربط بها مناهج تربيته وقواعد تعليمه.
من الممكن أن يبلغ مفكربشري هذا المبلغ ثم يتضح لمفكرين آخرين وهن الاسس منه واهتزاز الدعائم وخلخلة البناء.
ومن الممكن أيضاً ان يستقل كل أحد بذاته فيضع لنفسه ـ أو له ولأسرته ـ منهجاً ، ويعين له ـ أو له ولأتباعه ـ حدوداً. ثم يسير ويسير معه أولياؤه الى حيث ينتهي به وبهم المنهج والى حيث تقف به وبهم الحدود ، وبديهي أن لانتوقع من هذه النظم المختلفة ان تنتج لبني آدم وحدة في سلوك ولا اجتماعاً على غاية.
انها فوضى النظم وانتشار الوحدة وبلبلة الغاية.
ولقد جرب الانسان نفسه ، ولقد امتحن طاقته في وضع القوانين وابتكار الفلسفات المنهجية وتدعيم أسسها وربط فروعها حتى بلغ به الجهد وترامى به القصد فلم يخرج عن هذه الحدود ولم يرتفع عن هذه المنحدرات.
من المستطاع ان يبلغ الفكر البشري ـ بذاته ـ هذا المبلغ ، ولكن من الممتنع عليه ان يخلق النظام الحقيقي لرقي الانسانية جمعاء.
النظام الذي يضمن للانسانية كمالها الأعلى ثم يملك أن يفي لها بهذا الضمان.
للانسانية كافة بجميع أجيالها وأشكالها.
النظام الذي له كل سمات النظام الحقيقي لهذه الغاية. ولذلك فلا مناص من ان يكون واحداً لا كثرة فيه ، وثابتاً لا اضطراب معه ، وجامعاً لاقصور فيه.