ان هذه حقيقة الحقائق ، ودلائلها ملء الكون وملء الامكان وبعدد ما في هذا الملكوت من ذرة ومافيه من طاقة ومافيه من قانون.
مافي هذا العالم الرحب إلا أثر ، والاثر لن يحدث أبداً دون محدث ولن يستقيم دون مقيم ، وما في هذا العالم إلا مقدر تستعلن فيه الحكمة ، وتستبين فيه القدرة ، ثم لايزايله أثر التدبير والتقدير ما اطرد له البقاء ، ومااقتضى له الابداع.
أفما ترشد هذه الخليقة الى خالق ثم هذا التدبير الى مدبّر ، وهذا الاتقان الى حكمة ، وهذه الدقة الى علم ؟؟.
ثم الا يدرك اي عاقل متبصر أن للكون وحدة شاملة كاملة في نظمه وفي حركاته وفي مجاريه وفي غاياته ؟.
وأخيراً ـ وقد أتاح العلم للانسان أن يبصر اشد من بصره وأن يحس أبعد من احساسه ـ فقد وجد أن الوحدة الكونية حتى في الذرة التي يتألف منها بناء الكون ، وفي النظام الذي يحتويه تركيب الذرة ، وفي الطاقة التي يتقوم بها ذلك النظام ، والتجاذب الذي يتم به تأليف الكون وتستقيم حركاته وتترابط أجرامه ، ثم في هذا التناسق المدهش بين أجزاء هذه المجموعة ، الحي منها والجامد ، المتحرك منها والساكن ، التناسق الذي يكشف عن قانون واحد عام يدبر مجموعة القوانين.
أفليست هذه الوحده المتكاملة دليلاً على وحدة في قوة الايجاد والتدبير ؟.
أوليس هذا الطابع الواحد الموجود في عامة الأشياء رمزاً إلى صانع واحد ؟.