العظمى لجاعل الدين
وخالق البشر.
على الدين أن يهيِّيء الوسائل المبلغة
وأن يمهد السبل المستقيمة ، وأن يتيح الفرص الكافية ، وأن يقيم الدلائل الواضحة ، وأن ينشر الدعوة الحكيمة. أما الاستجابة للدعوة وسلوك السبيل واغتنام الفرصة ، أما ذلك فهو من شؤون المرء ذاته. فليس من خليقة الدين أن يكره ، وليس من حكمة الله أن يضطر ، وليس من كرامة الانسان ان يجبر.
الانسان ذاته هو الذي يتحكم في عقبى
أمره فيحرز لنفسه الفوز أو يكتب عليها الخسار.
والهدفان المذكوران مترتبان في طبيعتهما
، فما يكون لنفس أن ترقى وأن تستكمل وهي لاتزال ملوثة السر قذرة العلانية ، وما يكون لنفس مثقلة بالجرائر مرتكسة في الخبائث أن ترتفع الى منال الكرامة.
وطبيعي أن تنقَّى الأرض وأن تستأصل مافي
تربتها من جرثومة أو آفة قبل أن تبذر فيها أول حبة أو تغرس فيها أول نبتة.
وآفات النفوس ومعوقاتها عن طلب الخير ـ كما
قلنا من قبل ـ تفوت الحصر وتمتنع على الحاصر ، وهي كذلك غير محدودة الوقت ولا محدودة الأثر. ومقتضى ذلك أن يستمر التطهير مادامت مظنة للتلوث ومادامت مظنة للانتكاس.
ومن أجل ذلك كانت مهمة الدين مركبة أو
مزدوجة طوال الحياة.
ومن هنا كانت عنايته بطب الوقاية تضاهي
عنايته بطب العلاج.
ومن هنا كانت محرماته تربو على واجباته
، وكانت تحذيراته أشد تغليظاً من ترغيباته.