ومن أجل ذلك أيضاً وثق الإسلام مابين الغايتين في الأسباب ولازم مابينهما في التحقق حتى أصبحت أسباب التطهير بذواتها أسباباً للترقية ووسائل الترقية بأنفسها وسائل للتطهير ، فقد قال مثلاً في الكتاب الكريم :
( إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا ) (١).
وقال : ( وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ ) (٢).
يصنع الدين ذلك لأنه يرى أن افراد الغايتين في المنهاج تضييع للزمن وتفريط بالفرصة. وقد ينتهي بالانسان الى الحرمان من الغاية ، ولأن التكامل الاختياري في مدرجة الرشد كالتكامل الطبيعي في سائر القوى الطبيعية كلاهما نموٌّ متصل مطّرد لا مجال فيه لوقفه ولا مساغ لابطاء.
وبعد ففي الآية الكريمة إيحاءات يجمل بنا أن نقف على قليل منها.
يريد ليطهركم. وليتم نعمته عليكم ، لهذه الغاية شرع الله الدين ووضع اسسه وأقام بناءه ، ليتم نعمته عليكم ، وإن النعم موجودة موفورة على الانسان منذ يوم خلق ، إلا انها لا تستتم حلقاتها الا بالدين ، ولا تبلغ تلك الحلقات غايتها المرجوة المحمودة ولا تؤتي ثمراتها الزكية الطيبة إلا باتباعه.
__________________
١ ـ النساء ، الآية ٣١.
٢ ـ هود ، الآية ١١٤.