ذلك الاطلاق.
لا يتوجس أبداً من أن يتناوله النقد ، ولا يستنكف من أن يخضع للبرهان ، وما نصح للناس أن يعرضوا الأشياء كافة على الميزان ليستثني نفسه من هذا الحكم ، ولكنه يخشى أن تهدر القيم والحقائق هدراً دون مبرر ولا حساب.
وفي تراث الماضي آراء وأفكار تحترمها الانسانية وتشمخ بها. وفي تراث الماضي خلاصات ونتائج جديرة بأن يعتز بها ويحرص عليها ، وفي تراث الماضي عبر وتجاريب يجب أن تتدبر ويفاد منها ، وفي تراث الماضي كنوز ثمينة من المعرفة لا يسوغ أن تهمل وتضيع ، وفي تراث الماضي مفاتيح لكنوز جديدة لم تفتح بعد ولم تعلم محتوياتها ، وفي تراث الماضي مادة ضخمة تكفي لبناء مجد مستأنف إن لم نعترف لها بمجد غابر. فهل يحتم علينا هؤلاء السادة أن نهدر هذه الثروة كلها لنكون تقدميين كما يشتهون ؟.
إنهم يهزلون ـ على ما يبدو ـ حين وضعوا هذا التفسير للرجعية والتقدمية.
واذا صح لنا أن نسمي ذلك انطلاقا في الغرائز وتقدما مع دوافعها ، فانه دون ريب تأخر عن الرشد الإنساني وعودة الى الطفولة العقلية ، وأي رشد في أن يتعرى المرء من ذخيرته السابقة ، ثم يندفع مع التيار يرتجل الرأي ارتجالا في أي حادثة تلم به ، ويفترض النظرية افتراضاً في كل ظاهرة تعن له.
ينطلق مع الغرائز والحيوان الأعجم كذلك
ينطلق ويندفع حتى ترتوي