بنا أو اعننا على نيل الكمال الانساني فهو وسيلة من وسائل التقدم. وما قعد بنا عن الرشد أو حوّل وجوهنا نحو سلوك الحيوانية أو الطفولة الانسانية فهو عامل جمود أو رجعية أو انحراف.
وقد عرفنا في مباحث سبقت أن الدين هو السبيل المستقيم الذي يبلغ به الانسان الى كماله ، وأن مناهجه هي المناهج التي توفر للانسان كرامته وتضمن له غايته وتسعد له حياته وتحمد له عقباه ، فاذا استطاع أن يبر للانسانية بهذا الوعد واذا ملك ان يفي بهذا الضمان ، فهو ـ دون تردد ـ العامل الأعظم للتقدم ، والعدو الأول للجمود والرجعية ، ونظام الإسلام هو برهانه الذي يقدمه على الوفاء.
ويحلو لبعض الناس ولبعض المتأدبين منهم أن يفسر الرجعية بالالتفات نحو الماضي ، فكل ما تقدم به الزمن فاتباعه رجعية لن تحمد من الرجل التقدمي ، ولم يضع هؤلاء السادة حداً لهذا الماضي الذي يجب نبذه ولم يذكروا نوعا للتراث الذي يحرم أخذه.
وان القرآن يعيب على الأخلاف ان يستمسكوا بعقائد أسلافهم وبتفاسيرهم للمفاهيم العامة ، وبنظراتهم في الكون والحياة ، ولكنه يفرض عليهم أن يجمعوا هذه المواريث ثم ينصبوا لها الموازين ، موازين الفطرة الصحيحة ، والتجربة الصادقة والمنطق السليم ، وما أعدته لهم الطبيعة وزودهم به الفكر ، فما رجح من تلك الموروثات أخذوه وما خف نبذوه ، فهل هذا هو ما يعنيه السادة بتفسيرهم للرجعية ؟.
انهم يطلقون التعبير ، وانهم يشيرون من
طرف خفي أو ظاهر الى الدين فيما يشيرون !. والدين لايتوجس من هذه الاشارة ولكنه يستوحش من