عَسَى اللهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُورًا ) (١).
إن الإسلام يأبى الضيم ، ويأبى لأحد من أبنائه أن يقر عليه أو يهادنه أو يجد مسلماً يرزح تحت أثقاله ثم لا يخف الى نصره والى فك اساره ، وهو يجند لذلك ضمير المسلم وإرادته وقواه وعامة مشاعره ، ويوطيء له في عقيدته ويربط به أعماله ، ويؤسس على ذلك بناء المجتمع المسلم ويقيم عليه صلاته ويحكم وشائجه.
وقد غنم الثائرون في تأريخ الإسلام ـ المصلحون منهم والمفسدون ـ هذا الاحساس القوي الملتهب في نفوس المسلمين فصرفوه لغاياتهم ، ومن أجل ذلك كثر الناهضون في الإسلام وربا عديدهم ولم يعرف التأريخ لهم ضريباً في ذلك.
وقد عرف الإسلام بذلك عند ألد خصومه فأعلموا مااستطاعوا لقمع هذه الروح ، وإماتة هذا الوعي ، وقد تحدثنا عن ذلك قريباً.
نعم. وهذا دأب كل دين حق ، ولكن غبار الأرض قد يتراكم فيحجب محاسن السماء ..
* * *
وحديث الرجعية والجمود حديث موصول السند بما تقدم.
إذا خرج الانسان من منزله الى وجهة معينة ، فكلما سار خطوة نحو مقصده فهو متقدم ، وكلما عادت به الخطى نحو منزله فهو راجع ، واذا انقطع عن المسير فلم يتقدم ولم يتأخر فهو واقف ( جامد ) وإذا جنح في مسيره نحو
__________________
١ ـ النساء : ٩٦ ـ ٩٨.