فإذا أعيا على المظلوم أن يدرك حقه ، وإذا عزّ عليه الناصر وصعب عليه الانتصار فهل يباح له في شريعة الإسلام أن يتطامن للذل وأن يستلين مهاده ؟.
إن الإسلام يحرم عليه هذا النمط المرذول من الحياة ويأبى له الاقامة عليه.
يحرم عليه أن يخلد الى الهون ، ويوجب عليه الهجرة عنه ، ويأنف له من أن يفتدي قراره في مكان ما بكرامته.
وليست كرامة الرد في رأي الإسلام حقاً من حقوقه الخاصة ليكون مختاراً في إهدارها. إن كرامة الفرد المسلم هي بذاتها كرامة الإسلام وكرامة المجتمع المسلم فليس من حق الفرد البتة أن يتغاضى عنها ويتساهل فيها.
ويبتغي الإسلام من مختلف تشريعاته وهداياته أن يرتفع بشخصية المسلم ويعتلي بطباعه وملكاته ، وكيف يبلغ هذا المبلغ اذا استطاب الحياة الوضيعة وسهل قيادة لها ، ومرنت طباعه عليها.
ان الإسلام يحرم عليه ذلك.
فان هو لم يستجب لنداء العزة ، ولم يهاجر بكرامته عن دار الهوان فقد عرض نفسه لمقت الله وغضبه واستوجب منه العقاب الشديد :
(
إِنَّ
الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ
كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً
فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلَّا
الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ
سَبِيلًا * فَأُولَٰئِكَ