الأفراد عن شمول
وعموم العامّ الأوّل لا يصيّره أخصّ دلالة من العامّ الثاني ؛ لأنّ هذه الأخصّيّة
قد علمت من الخارج لا من نفس الدليل ، والأخصّيّة المعلومة من الخارج لا توجب
التخصيص.
نظير ما إذا كان
لدينا عامّ وكانت بعض أفراده غير متحقّقة الوجود ، فإنّ هذا لا يصيّره أخصّ بحسب
الدلالة من العامّ الآخر ؛ لأنّ خروج بعض الأفراد كان من الخارج لا من نفس الدليل
، وهنا كذلك.
وبكلمة أوضح : إنّ
العقلاء يقدّمون الخاصّ على العامّ لنكتة لا لمجرّد كونه خاصّا ، وهذه النكتة هي
كونه نصّا في مورده ، فهناك تنصيص وتركيز في الخاصّ بخلاف العامّ فليس فيه هذا
التنصيص والتركيز.
وهذا التنصيص
والتركيز غير موجود في العامّ الذي خصّص بدليل الخاصّ فصار حجّة في الباقي فقط ؛
لأنّ حجّيّته في الباقي لا تعني صيرورته ناظرا إلى ما بقي تحته بالنصّ ، بل لا
يزال شاملا لما بقي تحته بلحاظ عمومه وشموله له ، وهذا نظير القدر المتيقّن
المعلوم من الخارج فإنّه لا يوجب صيرورة العامّ أخصّ من العامّ الآخر المعارض له
بنحو التباين ، ولذلك لا يكون قرينة عليه بل هما متعارضان بنحو التباين.
كما إذا قيل : (
ثمن العذرة سحت ) ، وقيل : ( لا بأس ببيع العذرة ) فنحن نعلم من الخارج بأنّ القدر
المتيقّن من بطلان البيع هو عذرة غير المأكول أو العذرة النجسة ، ولكنّ هذا العلم
من الخارج لا يوجب صيرورة العامّ الأوّل أخصّ من العامّ الثاني ، بل هما على حدّ
واحد.
وبهذا يظهر أنّ
نظريّة انقلاب النسبة لا يمكن التسليم بها في المخصّص المنفصل لأحد العامّين ،
والنتيجة سوف تكون سقوط العامّ الأوّل عن بعض أفراده بسبب وجود الخاصّ ، وكون
البعض الآخر الباقي تحته داخلا في المعارضة مع العامّ الثاني وساقطا أيضا بسببها .
__________________