وأمّا على الثاني فبأنّ ظاهر عدم الموافقة عدمها بنحو السالبة بانتفاء المحمول لا السالبة بانتفاء الموضوع التي تحصل بعدم تطرّق القرآن للمضمون رأسا.
وأمّا على الثالث فبأنّ نفس الاستنكار والتحاشي قرينة عرفيّة على تقييد المخالف بما كان يقتضي طرح الدليل القرآني وإلغائه رأسا ، فلا يشمل المخالف بالتخصيص والتقييد ونحوهما ممّا لا استنكار فيه بعد وضوح بناء البيانات الشرعيّة على ذلك.
أمّا الإشكال الأوّل فجوابه : أنّنا نسلّم كون الروايات ناظرة إلى نفي الصدور ، ولكن نفي الصدور وإن كان في نفسه ينفي الحجّيّة من باب التخصيص ، إلا أنّ نفي الصدور المقترن مع الاستنكار والاستهجان يفيد نفس الفائدة التي يفيدها نفي الحجّيّة من باب التخصيص.
وبتعبير أوضح : أنّ نفي الصدور على نحوين :
أحدهما : نفي الصدور مجرّدا عن أي شيء آخر يضاف إليه ، وهذا ينفي الحجّيّة بلحاظ التخصّص أي بلسان نفي المحمول لا الموضوع ، وهذا لا يفيدنا هنا لإثبات عدم حجّيّة الخبر المخالف ؛ لأنّه يثبت عدم صدوره رأسا فتكون عدم حجّيّته من باب السالبة بانتفاء الموضوع.
والآخر : هو نفي الصدور المقترن والمضاف إلى شيء آخر كما هو مقامنا ، فإنّ نفي الصدور مقترن بالاستنكار منهم ، وهذا يعتبر قرينة على أنّ المراد من نفي الصدور هو نفي الحجّيّة ، أي إخراج الخبر المخالف عن الحجّيّة بعد أن كان مشمولا لإطلاق دليلها ، فيثبت التخصيص وهو المطلوب ؛ لأنّ الروايات تكون ناظرة إلى دليل الحجّيّة وتقيّد إطلاقه ، ومعه يخرج الخبر المخالف عن الحجّيّة فلا يصلح لمعارضة الخبر القطعي السند.
وأمّا الإشكال الثاني فجوابه : أنّنا نسلّم كون الموضوع هو الخبر غير الموافق ، إلا أنّنا نقول : إنّ الروايات ظاهرة في كون عدم الموافقة هي عدم الموافقة من باب السالبة بانتفاء المحمول لا السالبة بانتفاء الموضوع.
وتوضيحه : أنّ الخبر تارة لا يكون موافقا لمضمون الكتاب ؛ لأنّه يوجد في الكتاب