لا غير ، فيقع
التعارض بين الإطلاق الثابت بقرينة الحكمة وبين التقييد الثابت باحترازيّة القيود
؛ إذ لا يمكن أن يكون الحكم الواحد في نفس الوقت مطلقا ومقيّدا.
وحينئذ
فإن كان الخطابان متّصلين لم ينعقد للأوّل ظهور في الإطلاق ؛ لأنّه فرع عدم ذكر ما
يدلّ على القيد في الكلام ، والخطاب الآخر المتّصل يدلّ على القيد ، فلا تجري
قرينة الحكمة لإثبات الإطلاق.
وإن
كان الخطابان منفصلين انعقد الظهور في كلّ منهما ـ لما تقدّم في بحث الإطلاق
من أنّ الإطلاق ينعقد بمجرّد عدم مجيء القرينة على القيد في شخص الكلام ـ وقدّم
الظهور الثاني ؛ لأنّه قرينة ، بدليل إعدامه لظهور المطلق في فرض الاتصال. وقد
تقدّم أنّ البناء العرفي على أنّ كلّ ما يهدم أصل الظهور في الكلام عند اتّصاله به
فهو قرينة عليه في فرض الانفصال ويقدّم بملاك القرينيّة.
ثمّ إنّه في حالة
العلم بكون الحكم واحدا بحيث يقع التعارض بين الدليلين تارة يكونان متّصلين وأخرى
منفصلين.
فإن كانا متّصلين
كما إذا قيل : ( أعتق رقبة وأعتق رقبة مؤمنة ) ، فهنا يكون دليل التقييد المتّصل
هادما لأصل ظهور الدليل الأوّل في الإطلاق ، بمعنى أنّه يمنع من أصل انعقاد
الإطلاق في الدليل الأوّل ؛ لأنّه يمنع من جريان قرينة الحكمة الدالّة على الإطلاق
فيه.
والوجه في ذلك :
هو أنّ قرينة الحكمة مفادها ( ألاّ يذكر القيد في الكلام ) ، فإنّه إذا لم يذكر
القيد في كلامه فلو كان يريده مع ذلك لكان مخلاّ في مقام البيان والتفهيم لمراده
الجدّي ، فيكون قد أراد ما لم يبيّن وهذا قبيح.
وأمّا إذا ذكر
القيد فلا يكون إرادته للقيد فيها إخلال بالبيان ؛ لأنّه قد أراد التقييد وذكر
القيد الدالّ عليه ، وهذا معناه عدم جريان قرينة الحكمة لاختلال أحد ركنيها كما
تقدّم في بحث الإطلاق والتقييد ، فيرتفع موضوع قرينة الحكمة وبالتالي لا ينعقد إلا
ظهور واحد للكلام وهو الظهور في التقييد ابتداء.
__________________