هذا وقد يعترض على استفادة المرجّحين الآخرين أي الترجيح بالصفات أو الترجيح بالشهرة بوجوه عديدة ، مع التسليم بدلالتها على المرجّحين المذكورين في محلّ الكلام أي الموافقة للكتاب والمخالفة للعامّة.
وهنا يذكر السيّد الشهيد وجهين للاعتراض ، هما :
الأوّل : أنّ المقبولة مختصّة موردا بعصر الحضور والتمكّن من لقاء الإمام عليهالسلام بقرينة قوله فيها : « أرجئه حتّى تلقى إمامك » ، فلا تدلّ على ثبوت الترجيحين في عصر الغيبة.
الاعتراض الأوّل : أنّ المقبولة مختصّة بعصر الحضور والتمكّن من لقاء الإمام عليهالسلام فلا تشمل عصر الغيبة الذي هو محلّ الكلام والابتلاء فعلا بالمتعارضين ، والدليل على هذه الاختصاص ما جاء في ذيل الرواية حيث قال : « أرجئه حتّى تلقى إمامك » فإنّ لقاء الإمام عليهالسلام لا يكون إلا في زمان الحضور والتمكّن من لقائه.
وعليه ، فالمرجّحان أي الصفات والشهرة مختصّان بزمان الحضور فقط.
ونلاحظ على هذا الوجه : أنّ اختصاص الفقرة الأخيرة التي تأمر بالإرجاء بعصر الحضور لا يوجب تقييد الإطلاق في الفقرات السابقة ، خصوصا مع ملاحظة أنّ التمكّن من لقاء الإمام ليس من الخصوصيّات التي يحتمل العرف دخلها في مرجّحيّة الصفات ، إذ لا يختلف حال الأوثقيّة في كاشفيّتها وتأكيد موردها بين عصري الحضور والغيبة ، وكذلك الأمر في الشهرة.
والجواب : أنّ اختصاص الفقرة الأخيرة بزمان الحضور ؛ لأنّ الإرجاء إلى حين لقاء الإمام عليهالسلام ظاهر في ذلك لا يوجب تقييد إطلاق الرواية بالنسبة إلى المرجّحات المذكورة قبلها.
والدليل على ذلك : أنّ الإمام بصدد بيان حكم كلّي وعامّ ؛ لأنّه لمّا جعل الحاكم للنظر في القضايا المختلف فيها فهو ناظر إلى جعل حكم كلّي على الموضوع الكلّي ، وهو أنّه كلّما حصل اختلاف بين الشيعة في قضيّة من القضايا فيجب عليهم الرجوع إلى الحاكم الذي نصّبه الإمام عليهالسلام بالتنصيب العامّ لحلّ هذا الاختلاف ، وهذا الجعل الكلّي لا يختلف حاله بين عصري الحضور والغيبة ؛ لأنّه متى ما تحقّق موضوعه صار فعليّا.