وهذه الرواية تفيد
نفي الحجّيّة عن كلّ خبر لا يوجد عليه شاهد من القرآن أو من السنّة القطعيّة ، فهي
تثبت شرطا للحجّيّة وهو كون حجّيّة الخبر مشروطة بوجود الشاهد القرآني أو الشاهد
النبوي عليه.
وأمّا إذا لم يكن
هناك شاهد من هذا القبيل فلا يكون حجّة ؛ لأنّ قوله : « فالذي جاء به أولى به » مفاده أنّه إذا لم يكن عليه شاهد فالذي جاء بالخبر أولى
من الإمام به أي أنّه هو الذي قاله لا الإمام ، أو يكون مفاده أنّه أولى بالعمل
بالخبر منكم ما دام لا يوجد عليه شاهد ، وأمّا أنتم فلا يجب عليكم العمل به ممّا
يعني أنّه ليس حجّة وإلا لوجب العمل به.
والحاصل : أنّ هذه
الرواية تقسّم الأخبار إلى قسمين :
أحدهما : الأخبار
التي لا يوجد عليها شاهد من القرآن أو السنّة القطعيّة ، وهذه ليست حجّة.
والآخر : الأخبار
التي يوجد عليها مثل هذا الشاهد ، وهذه هي التي تثبت لها الحجّيّة فقط ، ولكن هذا
معناه أنّها تلغي حجّيّة الخبر مطلقا ؛ وذلك لأنّ الخبر الذي عليه شاهد من القرآن
أو السنّة القطعيّة لا نحتاج إليه ؛ لأنّنا نعمل بالقرآن أو بالسنّة القطعيّة
حينئذ ، أو لا نحتاج إلى إثبات حجّيّته ؛ لأنّنا نعمل بمضمونه لأنّه قطعي من جهة
موافقته للكتاب أو السنّة القطعيّة.
وعلى كلّ حال تكون
هذه الأخبار مساوقة لإلغاء حجّيّة خبر الثقة ؛ لأنّه إن لم يكن لدينا شاهد عليه
فهو ليس بحجّة ، وإن كان عليه شاهد فلا نحتاج إليه ، بل نعمل بالشاهد نفسه.
وهذه المجموعة إن
تمّت فهي تفيد في القسم الأوّل المتقدّم ؛ لأنّ الدليل القطعي المعارض للخبر
الظنّي سوف يتقدّم ويطرح الآخر ؛ لأنّه مع المعارضة بينهما لا يكون هناك شاهد على
الخبر ، بل الشاهد على خلافه فيسقط عن الحجّيّة لعدم توفّر شرطها فيه.
وعليه
، فيرد على الاستدلال بها أنّها بنفسها أخبار آحاد ، ولا يمكن الاستدلال بأخبار
الآحاد على نفي حجّيّة خبر الواحد.
هذا
إضافة إلى أنّنا لو سلّمنا أنّها لا تلغي حجّيّة خبر الواحد على الإطلاق ،