ولكن
على نحو مشروط بكذب الآخر ، وحيث يعلم بكذب أحدهما فيعلم بحجّيّة أحدهما فعلا ،
وهذا يكفي لنفي الثالث ، وقد تقدّمت الإشارة إلى ذلك.
التقريب
الثالث : ما ذكرناه سابقا
من الحجّيّة التخييريّة المشروطة بكذب الآخر ، فنقول هنا : إنّ كلّ واحد من
الخبرين يكون حجّة بشرط كذب الآخر ، أو ألاّ يكون الآخر صادقا ، وهذا يتمّ في
المتعارضين بنحو التضادّ لا التناقض ؛ لأنّ النقيضين إذا علم بكذب أحدهما تعيّن
صدق الآخر من دون حاجة لجعل الحجّيّة له وهكذا العكس.
وفي مقامنا نقول :
إنّنا نعلم بكذب أحد الخبرين ؛ لأنّ صدقهما معا غير ممكن ، وهذا يعني أنّ الشرط
للحجّيّة التخييريّة متحقّق وهو العلم بكذب أحدهما ، ولكن تطبيق الحجّيّة
التخييريّة على هذا الخبر بعينه يتنافى ويتعارض مع تطبيقها على الخبر الثاني ، فلا
يمكن تطبيقها على أحدهما المعيّن ، ولكن يمكن تطبيقها على أحدهما غير المعيّن
بالنسبة إلينا ولكنّه متعيّن في الواقع ؛ لأنّ أحدهما شرطه متحقّق فهو متعيّن في
الواقع ولكنّه غير متعيّن بالنسبة إلينا ، وهذا معناه أنّ شرط الحجّيّة التخييريّة
فعلي فتكون فعليّة ، وفائدتها هي نفي الثالث بالخبر الحجّة واقعا.
والحاصل : أنّنا
نطبّق دليل الحجّيّة على الحجّيّة التخييريّة لأحد الخبرين المتعيّن في الواقع ،
وأثرها نفي الاحتمال الثالث.
ولعلّ المقصود من
التقريب الثاني هو هذا المعنى أي الحجّيّة التخييريّة لا تطبيق دليل الحجّيّة على
عنوان غير معلوم الكذب.
الرابع
: ينبغي أن يعلم أنّا في تنقيح القاعدة على ضوء دليل الحجّيّة كنّا نستبطن افتراضا
، وهو التعامل مع أدلّة الحجّيّة بوصفها أدلّة لفظيّة لا ترفع اليد عن إطلاقها إلا
بقدر الضرورة ، إلا أنّ هذا الافتراض لا ينطبق على الواقع ؛ لأنّ دليل الحجّيّة في
الغالب لبّي مرجعه إلى السيرة العقلائيّة وسيرة المتشرّعة والإجماع ، والأدلّة
اللفظيّة إذا تمّت تعتبر إمضائيّة ، فتنصرف إلى نفس مفاد تلك الأدلّة اللبّيّة
وتتحدّد بحدودها.
وعلى
هذا الأساس سوف تتغير نتيجتان من النتائج التي انتهينا إليها سابقا :
التنبيه
الرابع : في الفرق بين دليل الحجّيّة اللفظي ، ودليل الحجّيّة اللبّي :