من جريان استصحاب عدم الكرّيّة الثابت قبل الزوال إلى زمان الملاقاة أي إلى الساعة الثانية ، وهذا سوف يتخلّله الوجود الواقعي للكرّيّة إلا أنّه لا يضر في الاستصحاب ؛ لأنّ الوجود الواقعي يجتمع مع الشكّ ، فيصدق أنّه في الساعة الأولى شاكّ في الكرّيّة أيضا ، ولذلك لا يكون هناك انفصال ، بل الاتّصال موجود حتّى لو كانت الكرّيّة موجودة واقعا ما دام لم يعلم بها.
ففي مقامنا العلم الإجمالي ليس علما تفصيلا ؛ لأنّه علم بالجامع وشكّ في الفرد ، فهو علم يجتمع مع الشكّ ؛ لأنّ العلم متعلّق بالجامع والشكّ متعلّق بالواقع أي بالفرد ، وعليه فالكرّيّة على الفرض المذكور وإن كانت موجودة في الساعة الأولى ، إلا أنّها ليست معلومة بالتفصيل في هذه الساعة ؛ لأنّ العلم هنا إجمالي لا تفصيلي ، وهذا يعني أنّ العلم بها إجمالا في هذه الساعة يجتمع مع الشكّ بها أيضا ، ولذلك لن يتحقّق الانفصال بل الاتّصال موجود.
وبتعبير آخر : أنّ العلم التفصيلي بوجود الكرّيّة في الساعة الأولى يزيل الشكّ بها ، ومع زوال الشك ينقطع الاتّصال بين زمان المتيقّن وزمان المشكوك ، ولكنّ العلم الإجمالي بوجودها في هذه الساعة لا يزيل الشكّ ؛ لأنّ العلم الإجمالي يجتمع مع الشكّ والتردّد والحيرة ، ومع عدم زوال الشكّ فالاتّصال بين الزمانين لا ينقطع أصلا ، وهذا الإيراد حلّي.
وثانيا : أنّ البيان المذكور لو تمّ لمنع عن جريان استصحاب عدم الكرّيّة حتّى في الصورة التي اختار صاحب ( الكفاية ) جريان الاستصحاب فيها ، وهي صورة الجهل بزمان حدوث الكرّيّة مع العلم بزمان الملاقاة وأنّه الساعة الثانية مثلا ؛ لأنّ الكرّيّة معلومة بالإجمال في هذه الصورة ويحتمل انطباقها على الساعة الأولى ، فإذا كان انطباق الكرّيّة المعلومة بالإجمال على زمان يوجب تعذّر استصحاب عدم الكرّيّة إلى ما بعد ذلك الزمان ، جرى ذلك في هذه الصورة أيضا وتعذّر استصحاب عدم الكرّيّة إلى الساعة الثانية ، لاحتمال الفصل بين زمان اليقين وزمان الشكّ بزمان العلم بالكرّيّة.
ويرد ثانيا بالنقض :
فإنّنا لو قبلنا مقالة صاحب ( الكفاية ) في مجهولي التاريخ ومنعنا من جريان