الاستصحاب بسبب وجود احتمال انفصال زمان اليقين عن زمان الشكّ وعدم إحراز اتّصالهما ، للزم المنع عن جريان الاستصحاب أيضا في صورة الجهل بزمان الكرّيّة مع العلم بزمان الملاقاة ، وهي الصورة التي
اختار فيها صاحب ( الكفاية ) جريان استصحاب عدم الكرّيّة فيها إلى زمان الملاقاة.
والوجه في ذلك هو : أنّه في صورة الجهل بزمان الكريّة مع العلم بزمان الملاقاة ، وأنّه في الساعة الثانية مثلا ، فهنا لدينا احتمالان :
الأوّل : أن تكون الكرّيّة المجهولة حادثة فيما بعد الساعة الثانية أي بعد زمان الملاقاة ، فهنا لا إشكال في جريان استصحاب عدم الكرّيّة الثابت قبل أو عند الزوال إلى زمان الملاقاة فيحكم بالانفعال ، وهذا الاستصحاب يجري لأنّ زمان اليقين متّصل بزمان الشكّ.
الثاني : أن تكون الكرّيّة المجهولة حادثة قبل الساعة الثانية أي قبل زمان الملاقاة ، فهنا استصحاب عدم الكرّيّة إلى الساعة الثانية قد تخلّله وجود الكرّيّة ، فينقطع الاتّصال بين الزمانين ، وما دام كلا الاحتمالين واردا فلا يعلم بالاتّصال بين الزمانين فيكون من الشبهة المصداقيّة.
ولكنّ صاحب ( الكفاية ) قبل في هذه الصورة جريان استصحاب عدم الكرّيّة بينما لم يقبله في مجهولي التاريخ ، مع أنّ المانع لو كان هو وجود الكرّيّة الواقعي فهو مانع في المقامين ؛ لأنّ احتمال سبق وجودها الواقعي على زمان الملاقاة موجود في الصورتين ، ومع الاحتمال لا يحرز الاتّصال ، ولو كان المانع هو الوجود الواقعي المعلوم فهو غير موجود في الصورتين معا ؛ لأنّ العلم الإجمالي علم بالجامع لا بالواقع ولذلك فهو يجتمع مع الشكّ والتردّد دون العلم التفصيلي.
وهناك تفسير آخر لكلام صاحب ( الكفاية ) أكثر انسجاما مع عبارته :
ولنأخذ المثال السابق لتوضيحه ، وهو الماء الذي كان قليلا قبل الزوال ثمّ مرّت ساعتان حدثت في إحداهما الكرّيّة وفي الأخرى الملاقاة للنجاسة ، وحاصل التفسير : أنّ ظرف اليقين بعدم الكرّيّة في هذا المثال هو ما قبل الزوال ، وظرف الشكّ مردّد بين الساعة الأولى بعد الزوال والساعة الثانية ؛ لأنّ عدم الكرّيّة له اعتباران :