والأكثر مشكوك بدوا وهو مجرى للبراءة ، وهذه القاعدة لا يرفع اليد عنها إلا بوجود مانع يمنع من جريان البراءة.
وعليه ينصبّ البحث هنا في أنّه هل هناك مانع من جريان البراءة أو لا؟
ولكن قد يعترض على إجراء البراءة عن وجوب الزائد في المقام ، ويبرهن على عدم جريانها بعدّة براهين :
وهنا ذكرت عدّة موانع عن جريان البراءة ، وهذا يعني أنّ الحكم في المسألة هو الاحتياط ولزوم الإتيان بالأكثر ، وسوف نستعرض هذه الموانع لنرى مدى مانعيّتها من جريان البراءة ، وهنا ذكرت ستّة براهين للمنع من جريان البراءة ، وهي :
وهو يقوم على أساس دعوى وجود العلم الإجمالي المانع عن إجراء البراءة ، وليس هو العلم الإجمالي بوجوب الأقلّ أو وجوب الزائد لينفى ذلك بأنّ وجوب الزائد لا يحتمل كونه بديلا عن الأقلّ ، فكيف يجعل طرفا مقابلا له في العلم الإجمالي؟ بل هو العلم الإجمالي بوجوب الأقلّ أو وجوب الأكثر المشتمل على الزائد ، ومعه لا يمكن إجراء الأصل لنفي وجوب الزائد لكونه جزءا من أحد طرفي العلم الإجمالي.
البرهان الأوّل : أن يقال : إنّه لا يمكن إجراء البراءة هنا ؛ لأنّه يوجد علم إجمالي منجّز ، ومع وجوده لا مجال للبراءة ؛ لأنّ موردها الشكّ البدوي.
وهذا العلم الإجمالي ليس هو العلم الإجمالي الدائر بين وجوب الأقلّ ووجوب العاشر ، أي أنّه ليس دائرا بين التسعة والعاشر ، ليقال بأنّ وجوب الأقلّ معلوم على كلّ حال والعاشر مشكوك فتجري عنه البراءة ؛ لأنّ العاشر لا يمكن أن يقع طرفا مستقلا للعلم الإجمالي بنحو يكون بديلا عن الأقلّ ؛ لأنّ العلم الإجمالي معناه أنّ كلا طرفيه صالح لأن يكون هو التكليف المعلوم بالإجمال ، فإذا علم بنجاسة أحد الإناءين مثلا كان كلّ واحد من الإناءين صالحا لأن يكون هو النجس ، وكذا فيما إذا علم إجمالا بوجوب الظهر أو الجمعة.
وفي مقامنا لا يعقل أن يكون الجزء العاشر صالحا لأن يكون هو التكليف المعلوم بالإجمال بنحو يجعله بديلا عن وجوب الأقلّ ؛ إذ لا معنى لوجوب العاشر فقط دون الأقلّ.