وما ذكر من مخالفة الركعة الموصولة للمذهب صحيح ، إلا أنّ هذا لا يمنع من الأخذ بدلالة الرواية على كبرى الاستصحاب وإنّما يمنع من الأخذ بتطبيق الاستصحاب على المورد المذكور.
وتوضيح ذلك : أنّه يوجد في الرواية مطلبان :
الأوّل : إفادة كبرى الاستصحاب بقول : « ولا ينقض اليقين بالشكّ » ، فإنّ هذا التعبير يراد به قاعدة الاستصحاب لورود نظير هذا التعبير في روايات أخرى دالّة على الاستصحاب.
الثاني : إفادة تطبيق الاستصحاب على المورد المذكور في الرواية من إحراز الثلاث ركعات والشكّ في الرابعة ، والحكم بوجوب الإتيان بالركعة الموصولة.
أمّا المطلب الأوّل فلا محذور من الأخذ به ، بل إنّ هذا التعبير لا يتناسب إلا مع كبرى الاستصحاب ، فهذا التعبير ظاهر جدّا في الاستصحاب ، وظهوره الجدّي على نحو الحقيقة والواقع لا التقية.
وأمّا المطلب الثاني أي تطبيق الاستصحاب على المورد واستفادة الركعة الموصولة فلا يمكن الأخذ به ، لمخالفته للمذهب من الناحية الفقهيّة وموافقته لمذهب العامّة ، فيكون محمولا على التقية.
وبهذا ظهر أنّ أصالة الجدّ والجهة تجري في الكبرى ، أي في أصل استفادة كبرى الاستصحاب من هذه الرواية ، إلا أنّ التطبيق على المورد لا يمكن جريان أصالة الجهة والجدّ فيه ؛ لأنّ نتيجة التطبيق مخالفة للقواعد المقرّرة فقهيّا عندنا مع موافقته لمذهب العامّة.
وبهذا يفصّل بين الكبرى والتطبيق ، والاستدلال بالرواية على الاستصحاب تامّ ؛ لأنّنا نريد من الرواية أن تكون دالّة على كبرى الاستصحاب وهي كذلك ، إذن فلا محذور من الأخذ بها.
وهذا التفكيك بين الكبرى والتطبيق مضافا إلى أنّه لا مانع منه ولا محذور فيه ، توجد شواهد تاريخيّة عليه من قبيل ما ذكره الإمام الصادق في حواره مع المنصور بالنسبة ليوم العيد حيث قال : « ذاك إلى إمام المسلمين إن صام صمنا وإن أفطر أفطرنا » فإنّ الكبرى صحيحة وهي كون الحكم لإمام المسلمين في مسألة هلال العيد ، إلا أنّ تطبيقها على المنصور كان تقية كما هو واضح.