فإن قيل : إنّ الكبرى إن كانت جدّيّة فتطبيقها صوري ، وإن كانت صوريّة فتطبيقها بما لها من المضمون جدّي ، فأصالة الجدّ في الكبرى تعارضها أصالة الجدّ في التطبيق.
كان الجواب : أنّ أصالة الجدّ في التطبيق لا تجري ، إذ لا أثر لها للعلم بعدم كونه تطبيقا جادّا لكبرى جادّة على أي حال ، فتجري أصالة الجهة في الكبرى بلا معارض.
ثمّ إنّ المحقّق العراقي ذكر هنا إشكالا وأجاب عنه وحاصلهما :
أمّا الإشكال : فما ذكر من حمل الكبرى على الجدّيّة ، وحمل التطبيق على التقية ، لا موجب له بل هو ترجيح بلا مرجّح ، إذ كما أنّ أصالة الجدّ تجري في الكبرى فيكون التطبيق صوريا محمولا على التقية ، كذلك يمكن أن تكون الكبرى صوريّة بينما التطبيق يكون جدّيّا ؛ لأنّ النتيجة على النحوين واحدة.
والوجه في ذلك : أنّنا إذا قلنا : إنّ الرواية دالّة على كبرى الاستصحاب جدّا وواقعا ، فيكون تطبيق الاستصحاب على المورد المذكور في الرواية صوريا ومخالفا للواقع وبالتالي يحمل على التقية ، فالنتيجة على هذا عدم إرادة الركعة الموصولة جدّا.
وهكذا إذا قلنا بأنّ الرواية من أوّل الأمر دالّة على أنّ كبرى الاستصحاب صوريّة ، أي أنّ إرادة الاستصحاب غير جدّيّة وواقعيّة ، بل لأجل التقية وموافقة العامّة الذين يطبّقون الاستصحاب في مثل هذا المورد.
فإنّ جديّة تطبيق الاستصحاب على المورد المذكور واستفادة الركعة الموصولة لا مانع من الأخذ بها ما دامت أصل الكبرى غير مرادة في المقام جدّا ، إذ النتيجة على هذا هي عدم إرادة الركعة الموصولة جدّا من باب عدم استفادة الكبرى وعدم جريانها أصلا.
وهذا يعني أنّ أصالة الجدّ في الكبرى تعارضها أصالة الجدّ في التطبيق ، فلا مرجّح لإحداهما على الأخرى.
وعليه فكما يمكن استفادة كبرى الاستصحاب من الرواية لو حملت الكبرى على الجدّ كذلك لا يمكن استفادة الاستصحاب منها لو حملت أصالة الجدّ على التطبيق ، وبالتالي تكون الرواية مردّدة ومجملة وغير صالحة للاستدلال.