عليه الإتيان بها ظاهرا لقاعدة الاشتغال اليقيني المستدعي للفراغ اليقيني ، فإنّه بناء على هذه القاعدة إن جيء بالركعة موصولة فمن المحتمل ألاّ يكون قد أفرغ ذمّته ؛ لاحتمال أن يكون قد أتمّ الرابعة قبلها فتكون
الركعة الموصولة خامسة ، وهي مبطلة لاشتمالها على الركوع والذي تكون زيادته مبطلة سهوا وعمدا.
وأمّا إن جيء بالركعة مفصولة بالتشهّد والتسليم ، فهنا إن كان ما في يده هي الرابعة فقد أنهى الصلاة بالتشهّد والتسليم وتكون الركعة زائدة على الصلاة ، وزيادتها غير مضرّة ؛ لأنّها مفصولة عن الصلاة ، وإن كانت الثالثة فيكون محتاجا إلى الركعة المذكورة لتميم صلاته ، واشتمالها على زيادة التشهّد والتسليم غير مضرّة ؛ لأنّها زيادة مغتفرة لدلالة الروايات على العفو عن مثل هذه الزيادة ، مضافا إلى أنّ التشهّد والتسليم زيادتهما غير العمديّة ليست مضرّة.
وبهذا يظهر أنّ حمل الرواية على الاستصحاب يعتبر مخالفة للمذهب ممّا يجعل الرواية واردة مورد التقية ، وبالتالي لا يمكن الاستدلال بها على الاستصحاب ، للعلم بأنّ أصالة الجهة والجدّيّة فيها غير تامّة.
بينما حمل الرواية على الركعة المفصولة كما هو الصحيح لا يدلّ على الاستصحاب ؛ لأنّها ليست من آثار ولوازم التعبّد بالاستصحاب شرعا ، وإنّما هي من آثار نفس الشكّ بالإتيان بالرابعة والذي يكون مجرى لأصالة الاشتغال العقلي.
وقد أجيب على هذا الاعتراض بأجوبة :
منها : ما ذكره المحقّق العراقي (١) من اختيار الشقّ الأوّل ، وحمل تطبيق الاستصحاب المقتضي للركعة الموصولة على التقية مع الحفاظ على جدّيّة الكبرى وواقعيّتها.
فأصالة الجهة والجدّ النافية للهزل والتقية تجري في الكبرى دون التطبيق.
ثمّ إنّه قد أجيب على هذا الاعتراض بعدّة أجوبة :
الجواب الأوّل على الاعتراض الثاني : ما ذكره المحقّق العراقي وحاصله : أنّنا نختار الشق الأوّل ، أي أنّ الرواية تدلّ على وجوب الإتيان بالركعة الموصولة استنادا إلى كبرى الاستصحاب.
__________________
(١) مقالات الأصول ٢ : ٣٥٢.