يظل النصف الآخر مظلماً. وقد رأى رواد الفضاء الأمريكيون هذا وصوروه من مركباتهم الفضائية وخاصة على بعد بعيد عن الأرض ... من على القمر مثلاً. وبدوران الأرض حول نفسها على حين تظل الإضاءة ثابتة ، فإن المنطقة المضاءة منها ـ وهي على شكل نصف كروي ـ تؤدي في أربع وعشرين ساعة دورتها حول الأرض ، على حين يتم النصف الآخر المظلم في نفس الوقت نصف الرحلة. والقرآن يصف بشكل كامل هذه الدورة التي لاتكف أبدا للنهار والليل ، وهي اليوم يسيرة على الإدراك الإنساني ، فنحن نملك اليوم خبرة فكرية عن ثبوت الشمس (١) وعن دورة الأرض. هذه العملية الدائمة في التكور مع الولوج المستمر لقطاع في آخر يعبر القرآن عنها ، وكأن اكتشاف استدارة الأرض كان قد تم في عصر تنزيل القرآن ، وبالطبع لم يكن هذا قد حدث بعد.
ويجب أن نربط بهذه الاعتبارات الخاصة بتعاقب النهار والليل إشارات بعض الآيات القرآنية عن تعدد المشارق والمغارب ، وأهمية هذه الإشارات وصفية فقط وملاحظتها أمر شائع ، ولايشار إليها هنا إلا بهدف النقل الكامل ما أمكن من كمال لما يحتويه القرآن عن هذا الموضوع ، وعلى سبيل المثال فمن هذه الآيات ما يلي :
( ... بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ ... ) (٢).
_______________________
(١) فهو ثبوت نسبي.
(٢) سورة المعارج : ٧٠ / ٤٠.