فجريان البراءة فيه من غير ناحية الوضوء لا ينافي عدم جريانها من ناحيته (١).
وبالجملة : مرجع كلام المحقق النائيني إلى دعوى انحلال العلم الإجمالي إلى العلم التفصيليّ بلزوم الوضوء واستحقاق العقاب على تركه ، وشك بدوي في لزوم الصلاة بسائر اجزائها وشرائطها ، فتكون مجرى البراءة بلا معارض.
وقد وافقه السيد الخوئي على ذلك ، فذهب إلى انحلال العلم الإجمالي إلى علم تفصيلي بلزوم الوضوء ، وشك بدوي في وجوب الصلاة ، فيكون وجوبها مجرى البراءة بلا معارض لعدم جريانها في الوضوء بعد العلم بوجوبه (٢).
وما أفاده المحقق النائيني مخدوش من جهات :
الأولى : ما أفاده من دعوى الانحلال للعلم التفصيليّ بوجوب الوضوء والشك في وجوب الصلاة.
وجهة الخدشة في ذلك : قد عرفتها بما تقدم من عدم قابلية الوجوب الغيري لجريان البراءة ، فلا يكون طبيعي الوجوب مجرى البراءة ، بل مجراه خصوص الوجوب النفسيّ وهو مشكوك في الفرض ، فتكون البراءة من وجوب الصلاة معارضة بالبراءة من وجوب الوضوء نفسيا. فلا ينحل العلم الإجمالي بما ذكر ، لفرض تعارض الأصلين الّذي هو قوام منجزية العلم الإجمالي.
اللهم إلا ان يقال ان المحقق النائيني يلتزم بكون الشرائط متعلقة للأمر النفسيّ الضمني كالأجزاء. وعليه فيكون الوجوب النفسيّ للوضوء معلوما على التقديرين إلا انه على تقدير استقلالي وعلى آخر ضمني. ومن الواضح قابلية الأمر الضمني لجريان البراءة. وعليه فيمتنع جريان البراءة من وجوب الوضوء حينئذ للعلم بكليّة المانع منها ، فتكون البراءة من وجوب الصلاة بلا معارض
__________________
(١) المحقق الخوئي السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ١٧١ ـ الطبعة الأولى.
(٢) الفياض محمد إسحاق. محاضرات في أصول الفقه ٢ ـ ٣٨٩ ـ الطبعة الأولى.