الإتيان بها بنحو عبادي فيحصل التعبد المعتبر في الواجب.
وأنت خبير في ان هذا إنما يجدي في إثبات تعلق الأمر النفسيّ بها بعد دخول وقت الواجب للملازمة بين وجوب الواجب وبين استحبابها بالتقريب الّذي عرفته ، اما تعلق الأمر النفسيّ بها قبل دخول الوقت وتعلق الأمر بالواجب النفسيّ فلا يتكفل هذا الوجه إثباته ، فانه غاية ما يتكفل توقف عباديتها على الأمر النفسيّ ، وهذا انما يثبت الأمر النفسيّ في صورة تعلق الأمر الغيري بها ، لتوقف ذي المقدمة على الإتيان بها المتوقف على استحبابها فيكشف عن تعلق الأمر النفسيّ بها ، دون ما لم يتعلق الأمر الغيري بها ، لأنه لا يقتضي لزوم الاستحباب ، بل غاية ما يقتضي انه عند وجوبها والأمر بها لا بد وان يؤتى بها بنحو عبادي المتوقف على الاستحباب.
ولأجل ذلك وقع البحث من الأعلام في إثبات استحباب الطهارات النفسيّ في كل آن من الدليل الخارجي غير هذا الوجه.
والثمرة : انه لو ثبت استحبابها النفسيّ كان الإتيان بها قبل الوقت بداعي القربة ممكنا ، بخلاف الوجه الأول ، فانه انما يتكفل إثبات استحبابها النفسيّ بعد الوقت بالملازمة المذكورة.
وهذا البحث وان كان بحثا فقهيا لا يرتبط بالأصول ، إلا أنه يحسن التعرض إليه لمزيد الفائدة فيه وعدم تنقيحه كما ينبغي.
ولا بد قبل التعرض إلى هذا المطلب من التعرض إلى بحث آخر لم ينقح كما ينبغي ..
وهو معرفة كون الشك في اعتبار شيء في الطهارات الثلاث من جزء أو شرط مجرى للبراءة أو الاشتغال ، ويتفرع على ذلك تحقيق كون الطهارة امرا مسببا عن هذه الأفعال أو أنها عنوان لها.
وتحقيق ذلك : انه قد التزم بان الشك المذكور يكون مجرى للاشتغال لا البراءة