الهيئة وعدمه ـ وقد عرفت تصور رجوع القيد إلى أصل الوجوب.
يبقى الكلام في المرحلة الثانية التي أشار إليها بالوجه الثاني ، وهي رجوع القيد إلى المادة لبّا وان سلمنا إمكان رجوعه إلى الهيئة عقلا.
وقد عرفت تقريب ذلك : بأن الشيء إما أن لا يكون ذا مصلحة بجميع تقاديره ، فلا يتعلق به الإرادة. واما أن يكون ذا مصلحة على بعض تقاديره ، فيتعلق به الإرادة الفعلي على ذلك التقدير ، لأن العلم بتحقق المصلحة فيه في ذلك التقدير موجب لانقداح الشوق فعلا إليه ، أي إلى الفعل على ذلك التقدير. فلا يتصور التعليق في الإرادة ، بل أمرها دائر بين الوجود والعدم أصلا.
وقد تصدى صاحب الكفاية رحمهالله إلى منع ذلك ، ببيان : ان الفعل قد يكون ذا مصلحة على بعض تقاديره فيتعلق به الإرادة الفعلية ، إلا أنه يكون هناك مانع من طلبه فلا يبعث نحوه فعلا ، بل يبعث نحوه على تقدير زوال المانع (١).
ولا يخفى انه مرجع إيراد صاحب الكفاية إلى : أن الإرادة التشريعية هي الإرادة المستتبعة للبعث والطلب ، فمع وجود المانع عن البعث لا تكون الإرادة إرادة تشريعية التي هي ملاك الحكم ، بل الموجود ليس إلاّ الشوق وهو غير كاف في الحكم.
وبدون هذا الإرجاع لا يظهر لإيراد صاحب الكفاية ربط بكلام الشيخ ، بل ظاهره أنه من واد آخر.
وعلى كل فالتحقيق ان يقال : انه إذا التزمنا بان حقيقة الحكم ليس إلاّ الإرادة وإبرازها لا أكثر ـ كما قد يلتزم به المحقق العراقي (٢) ـ كان ما أفاده
__________________
(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٩٧ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.
(٢) العراقي المحقق الشيخ ضياء الدين. مقالات الأصول ـ ١٠٦ ـ الطبعة الأولى.