« أخرج البغوى من طريق محمد بن سلام الجمحي عن أبان بن عثمان بن عفان قال كان معاوية بمنى ـ وهو غلام مع أمه ـ إذ عثر . فقالت قم لا رفعك الله . قال لها إعرابى لم تقولين هذا ؟ والله إني لأراه سيسود قومه . فقالت لا رفعة الله إن لم يسد إلا قومه (١) » .
ومن أكذب ما قرأناه ـ في معرض الإطراء على معاوية ـ ما ذكر عن أبي هريرة إنه قال سمعت رسول الله يقول « إن الله إئتمن على وحيه ثلاثة : أنا وجبرئيل ومعاوية » .
وذكر الخطيب البغدادي (٢) قولا مأثوراً فحواه أن معاوية ابن أبي سفيان ستر أصحاب رسول الله فاذا كشف الرجل الستر اجترىء على ما وراءه » .
وذكر أيضاً أنه سمع رجلا يسأل المعافى بن عمران رأيه في المفاضلة بين عمر بن عبد العزيز ، ومعاوية بن أبي سفيان . فغضب المعافى من ذلك غضباً شديداً وقال : لا يقاس بأصحاب رسول الله أحد . معاوية صاحبه ، وصهره ، وكاتبه ، وأمينه على وحي الله ، وقد قال رسول الله . دعوا لي أصحابي وأصهاري فمن سهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين (٣) » .
__________________
١ ـ ومن الطريف أن نذكر هنا أن تلفيق الأحاديث والقصص لخدمة الأمويين لم يقتصر على دعاتهم فقط بل تعداه إلى الأمويين أنفسهم . فقد لفق شيخهم معاوية ، كثيراً من القصص أثناء نزاعه مع علي كما سنرى وإلى القارىء نموذجاً من أكاذيبه الأخرى ذكر الجهشياري في كتاب الوزراء والكتاب ص ٣٤ « أن معاوية مر بسعد ـ في طريق مكة بعد صلاة الصبح ـ ومعه أهل الشام فوقف على سعد فسلم عليه . فلم يرد عليه السلام . فقال معاوية لأهل الشام أتدرون من هذا ؟ هذا سعد صاحب رسول الله لا يتكلم حتى تطلع الشمس فبلغ سعدا ذلك فقال ما كان ذلك مني والله على ما قال . ولكن كرهت أن أكلمه » .
٢ ـ تاريخ بغداد ١ / ٢٠٩ ، ٢١٠ .
٣ ـ يلوح أن دعاة معاوية قد نسوا أن هذا « الحديث » على معاوية لا له . فمعاوية هو الذي بدأ بلعن الامام علي بن أبي طالب دون مبرر شرعي وخلافا للقرآن وسيرة النبي والأخلاق الإنسانية الرفيعة . فكأن الرسول لم يلعن إلا معاوية في هذا « الحديث » حين قال « دعوا لي أصحابي واصهاري فمن سبهم فعليه لعنة الله » ! ! ويغلب على ظني أن هذا « الحديث » قد وضع بعد أن بلغ معاوية غايته من سب الإمام وأصبحت ظروفه السياسة بحاجة إلى أسلوب آخر غير السب .