والحجاج إنما أسرف في القتل خدمة للعرش الأموي لا شك في ذلك عنده أو عند عبد الملك أو عند الآخرين .
فلما قرأ الحجاج كتاب عبد الملك أجابه متخاذلا متراجعاً ذليلا متهافتاً ، طفحت وضاعة نفسه على لسانه ، وذيل كتابه بالأبيات التالية :
إذا أنا لم أتبع رضاك واتق |
|
أذاك فيومي لا تزول كواكبه |
ومالا مرىء ـ بعد الخليفة ـ جنة |
|
تقيه من الأمر الذي هو كاسبه |
أسالم من سالمت من ذي قرابة |
|
ومن لم تسالمه فأني محاربه |
إذا قارف الحجاج منك خطيئة |
|
فقامت عليه في الصياح نوادبه |
إذا أنا لم أدن الشفيق لنصحه |
|
واقص الذي تسرى إلى عقاربه |
فمن ذا الذي يرجو نوالي ويتقى |
|
مصاولتي والدهر جم نوائبه |
فقف بي على حد الرضا لا أجوزه |
|
ـ مدى الدهر ـ حتى يرجع الدر حالبه |
هناك ـ على ما يبدو ـ حجاجان . حجاج القسوة والشدة مع العزل والضعفاء والأبرياء . والحجاج التخاذل والجبن مع القساة الفجرة من الحكام والأمراء .
حجاج « يرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها : يعصب الناس عصب السلمة حتى يذلوا ويضربهم ضرب غرائب الإبل حتى يذروا العصيان وينقادوا » .
وحجاج آخر جبان متخاذل إذا لم يبع رضا الخليفة ويتق أذاه فليله لا تزول كواكبه . حجاج يقوله :
وما لامرىء ـ بعد الخليفة ـ جنة |
|
تقيه من الأمر الذي هو كاسبه |
حجاج يخاطب الخليفة متضرعاً :
فقف بي على حد الرضا لا أجوزه |
|
ـ مدى الدهر ـ حتى يرجع الدر حالبه |
أما المثال الثاني ـ الذي
يتخاذل الحجاج فيه أمام سيده عبد الملك « بعد أن