تعالى وتجبر على فرد أعزل من رعاياه » فقد ذكره ابن الأثير (٢) حين قال : فحين دخل على الحجاج أنس بن مالك قال له الحجاج : لا مرحبا ولا أهلا بك يا ابن الخبيثة ، شيخ ضلالة ، جوال في الفتن . . . أما والله لاجردنك جرد القضيب ، ولاعصبنك عصب السلمة ، ولأقلعنك قلعة الصمغة .
فقال أنس : من يعني الأمير ؟ قال إياك أعني أصم الله صداك . فرجع أنس فكتب إلى عبد الملك كتابا يشكو فيه الحجاج . . .
فكتب عبد الملك إلى الحجاج : إنك عبد طمت بك الأمور فعلوت حتى عدوت طورك ، وجاوزت قدرك . يا ابن المستضرمة بعجم الزبيب لأغمزنك غمزت كبعض غمزات الليوث والثعالب ، ولأخبطنك خبطة تود لها أنك رجعت في مخرجك من بطن أمك .
أما تذكر حال آبائك في الطائف حيث كانوا ينقلون الحجارة على ظهورهم ويحتفرون الآبار بأيديهم في أوديتهم ومياههم ؟ !
أنسيت حال آبائك في اللؤم والدناءة ، في المروءة والخلق ؟ وقد بلغ أمير المؤمنين الذي كان منك إلى أنس بن مالك . . .
فعليك لعنة الله من عبد أخفش العينين ، أصك الرجلين ، ممسوح الجاعرتين . . .
أكرم أنساً وأهل بيته ، وأعرف حقه ولا تقصر في شيء من حوائجه .
وبعث بالكتاب مع اسماعيل بن عبد الله « مولى بني مخزوم » فأتى اسماعيل بكتاب أمير المؤمنين فقرأه . وأتى الحجاج بالكتاب إليه فجعل يقرؤه ووجهه يتغير وجبينه يرشح عرقا ويقول : يغفر الله لأمير المؤمنين . ثم اجتمع بأنس . فرحب الحجاج به واعتذر إليه . »
__________________
١ ـ الكامل في التاريخ ٤ / ٣٩ .