ولعل الحادثة التالية تكشف جانباً من جوانب الظلم عند الأمويين :
ذكر الطبري : عن أبي عبيدة « عن رؤية بن الحجاج قال :
حج سليمان بن عبد الملك وحج الشعراء معه وحججت معهم . فلما كان بالمدينة راجعاً تلقوه بنحو أربعمائة أسير من الروم . فقعد سليمان . . .
فقدم بطريقهم ـ فضرب عنقه ـ . وجعل سليمان يدفع البقية إلى الوجوه وإلى الناس يقتلونهم حتى دفع إلى جرير منهم فدست إليه بنو عبس سيفاً في قراب أبيض . فضربه فأبان رأسه .
ودفع إلى الفرزدق أحد الأسرى فلم يجد سيفاً . فدسوا له سيفاً ددناً متيناً لا يقطع . فضرب به الأسير ضربات فلم يصنع شيئاً . فضحك سليمان والقوم . وشمت الفرزدق بنو عبس ـ أخوال سليمان . فألقى السيف وأنشأ يقول ويعتذر إلى سليمان :
إن يك سيف خان أو قدر أتى |
|
بتأخير نفس حتفها غير شاهد |
فسيف بني عبس وقد ضربوا به |
|
نبا بيدي ورقاء عن رأس خالد |
كذلك سيوف الهند تنبو ظباتها |
|
وتقطع أحياناً مناط القلائد (١) |
وإذا أمعنا النظر في قضية سليمان بن عبد الملك « خليفة » المسلمين مع أولئك
__________________
١ ـ ورقاء بن زهير ـ من جذيمة العبسي ـ ضرب خالد بن جعفر بن كلاب ، وخالد مكب على أبيه زهير فسد ضربه بالسيف وصرعه . فأقبل ورقاء بن زهير فضرب خالداً فلم يصنع شيئاً : فقال ورقاء :
رأيت زهيراً تحت كلكل خالد |
|
فأقبلت أسعى كالعجول أبادر |
فشلت يميني يوم أضرب خالدا |
|
ويحصنه مني الحديد المظاهر |
راجع الطبري : « تاريخ الأمم والملوك » / ٨ / ١٢٧ .