وتفصيل ذلك : أن عمرو ابن سعيد وأخاه ، وعبد الملك ومعاوية ابني مروان يأتون ـ وهم غلمان ـ إلى « أم مروان بن الحكم الكنانية . فكان ينطلق مع عبد الملك ومعاوية غلام لهم أسود . وكانت أم مروان ـ إذا أتوها ـ هيأت لهم طعاماً ثم تأتيهم به فتضع بين يدي كل رجل صحيفة على حدة .
وكانت لا تزال تورش بين معاوية ومروان ومحمد بن سعيد ، وبين عبد الملك وعمرو بن سعيد فيقتتلون ويتصارمون الحبل لا يكلم بعضهم بعضا .
وكانت تقول : إن لم يكن عند هذين عقل فعند هذين .
فكان ذلك دأبها كلما أتوها حتى أثبتت الشحناء في صدورهم » .
أما الغدر عند رجال بني أمية فهو أبين منه عند نسائهم وذلك لطبيعة الأوضاع العامة التي تميز بين الجنسين . ويتجلى الغدر ـ بين الأمويين ـ بأوضح أشكاله عند معاوية بن أبي سفيان وعبد الملك بن مروان والوليد بن عبد الملك .
ويلوح لي أن الغدر كان صفة ملازمة للحكام الأمويين فإذا صادف أن اختفى الغدر في عهد أحدهم فإن مرد ذلك يعود إما إلى عدم تسجيل المؤرخين لذلك « الأسباب شتى مقصودة أو غير مقصودة » أو إلى أن ذلك الحاكم لم ير حاجة إلى الاستعانة به لتوافر أساليب ملتوية أخرى ـ من نوعه من حيث الأساس ـ وبقدر ما يتعلق الأمر بالحكام الأمويين : الذين ذكرنا أسماءهم فإن قصص الغدر عند معاوية مشهورة في كتب التاريخ .
فقد غدر بالأشتر كما هو معروف ودس له من يسمه وهو في القلزم في طريقه إلى مصر والياً من قبل علي بن أبي طالب .