لبعضهم ـ أنه سأل اسحق بن ابراهيم فيما إذا كان ملوك بني أمية يظهرون للندماء والمغنين فقال له اسحق : « أما معاوية بن أبي سفيان ، ومروان بن الحكم ، وعبد الملك بن مروان وسليمان وهشام ، ومروان بن محمد فكان بينهم وبين الندماء ستارة .
وكان لا يظهر أحد من الندماء على ما يفعله الخليفة إذا طرب للمغني والتذه حتى ينقلب ويمشي ويحرك كتفيه ويرقص ويتجرد حتى لا يراه إلا خواص جواريه . . .
وأما الباقون ـ من خلفاء بني أمية ـ فلم يكونوا يتحاشون أن يرقصوا ويتجردوا ، ويحضروا عراة بحضرة الندماء والمغنين .
وعلى ذلك لم يكن أحد منهم في مثل حال يزيد بن عبد الملك والوليد بن يزيد في المجون والرفث بحضرة الندماء والتجرد ما يباليان ما صنعا (١) »
هذا نموذج من تبذل الأمويين في أخلاقهم وفي دينهم ـ وهو شيء يمجه ـ دون شك ـ الذوق السليم ويأباه الخلق الرفيع ولا يجيزه الإسلام . هذا إذا كان المتبذل من عامة الناس .
فكيف به إذا كان « خليفة المسلمين » و « أمير المؤمنين » ونائب رسول الله في تطبيق مبادىء الدين على شئون الحياة ! ! !
لقد انغمس الأمويون ـ باستثناء عمر بن عبد العزيز ـ كما ذكرنا بالموبقات إلى الأذقان « ومع ذلك فقد كان يزيد بن عبد الملك والوليد بن يزيد أكثرهم تبذلا ـ على ما تروى كتب التاريخ والأدب ـ . وحديث الأول منهما مع سلامة وحبابة معروف لدى الكثيرين .
__________________
١ ـ الجاحظ « التاج في أخلاق الملوك » ص ٣٢ .