وكان مروان بن محمد يشرب ليلة الثلاثاء وليلة السبت (١) . »
وللخمر كما لا يخفى مضار يتعدى أثرها شخص من يتعاطاها فينتظم الآخرين من ذوي العلاقة ـ من طرف قريب أو بعيد ، وبصورة مباشرة . ويتسع مجال ذلك الضرر باتساع مجال علاقات ذلك الشخص بغيره من الناس .
فكيف به إذا كان « أميراً للمؤمنين » و « خليفة للمسلمين » ! ! !
لقد مر بنا القول أن من ملازمات الخمر الغناء والتبذل والخلاعة . والملوك السابقين ـ على يحدثنا الجاحظ ـ : تقاليد خاصة في هذا الباب .
غير أن الأمويين قد أدخلوا على بعضها تحويراً استلزمته طبيعة استهتارهم بالدين وبالأخلاق . فمن أخلاق الملك عند الشرب : « أن يجعل ندماءه طبقات ومراتب . وأن يخص ويعم ويقرب ويباعد ويرفع ويضع . . . وليس من حق الملك أن يبرح مجلسه إلا لقضاء حاجة . . . وليس له أن يختار كمية ما يشرب ولا كيفيتها . إنما هذا إلى الملك . . . فلما ملك يزيد بن عبد الملك ساوى بين الطبقة العليا والسفلى من الندماء وأفسد أقسام المراتب . . . وغلب عليه اللهو . . وهو أول من شتم في وجهه من الخلفاء على جهة الهزل والسخف (٢) . »
ومن المحزن حقا أن يشجع « خليفة المسلمين » المساواة في التبذل والدعارة ويمنعها في المعاملة وتطبيق أسس الشريعة السمحاء . فلم يساو « الخليفة » بين المسلمين في العطاء ، ولكنه ساوى بين ندمائه في الموبقات ليرفع عن نفسه حواجز التبذل والاستهتار .
وروى الجاحظ كذلك ـ في معرض الموازنة بين تبذل الأمويين بالنسبة
__________________
١ ـ الجاحظ « التاج في أخلاق الملوك » ص ١٥١ ـ ١٥٤ .
٢ ـ « المصدر نفسه » ص ٢١ ـ ٣٠ .