مواليه بحيث يكون منجّزا ومعذّرا ، ولا ارتباط ولا مدخليّة للمأمورين في ذلك ، فليس لهم حقّ التدخّل بما هم مأمورون في شئون المولى.
وعليه فمعنى سيرتهم وبنائهم أنّ سيرة الآمرين والحكّام قد انعقدت على جعل قول اللغوي وخبر الثقة حجّة لا سيرة المأمورين ، إذ لا مدخليّة لهم في جعل شيء حجّة وعدم ذلك ، فيكون المقصود من سيرة العقلاء خصوص سيرة الآمرين والموالي والحكّام من العقلاء ، وأنّهم جعلوا قول اللغوي حجّة منجّزا ومعذّرا ، ويمكن تعميم السيرة للمأمورين أيضا بأن يقال :
وبعبارة أشمل : إنّ سيرة كلّ عاقل اتّجهت إلى أنّه إذا قدّر له أن يمارس حالة آمريّة يجعل قول اللغوي حجّة على مأموره.
أو يقال : إنّ سيرة العقلاء تشمل كلّ الناس سواء الآمرين والمأمورين لا خصوص الآمرين فقط ، وذلك بأن نفترض أنّ كلّ عاقل لو قدّر له أن يصبح حاكما وآمرا فهو يتّخذ خبر الثقة وقول اللغوي حجّة بينه وبين مواليه ومأموريه ، وهذا يشمل الآمرين والمأمورين ؛ لأنّهم من العقلاء فتنطبق هذه القضيّة الشرطيّة بالفعل على الآمرين وبالقوّة على المأمورين ، وحينئذ نقول :
ومن الواضح أنّ السيرة بهذا المعنى لا تفوّت على الشارع الأقدس غرضه ، حتّى إذا لم يكن قد جعل قول اللغوي حجّة ومنجّزا ومعذّرا بالنسبة إلى أحكامه ؛ وذلك لأنّ هذه السيرة يمارسها كلّ مولى في نطاق أغراضه التشريعيّة مع مأموريه ، ولا يهمّ الشارع الأغراض التشريعيّة للآخرين.
وحينئذ يرد الإشكال وهو : أنّ هذه السيرة بهذا المعنى وهي أنّ سيرة الآمرين انعقدت فعلا أو سيرة العقلاء جميعا فرضا وتقديرا على العمل بقول اللغوي وخبر الثقة في نطاق الأحكام التشريعيّة الظاهريّة ، لا تضرّ بالأحكام التشريعيّة للشارع الأقدس ولا تفوّت غرضه حتّى وإن لم يجعل خبر الثقة وقول اللغوي حجّة ( منجّزا ومعذّرا ) ؛ وذلك لأنّ هذه السيرة المفروض أنّها سيرة بين كلّ آمر مع مأموريه بلحاظ أغراضه التشريعيّة لا بلحاظ الأغراض التشريعيّة للآخرين.
إذ لا مولويّة لهذا الشارع على سائر الموالي والحكّام الآخرين ليعتبر سيرته بينه وبين مواليه ومأموريه حجّة على أولئك ويجب عليهم العمل على وفقها ، بل كلّ شارع