مفهوم الاستثناء
ونفس ما تقدّم في الغاية يصدق على الاستثناء ، فإنّه لا شكّ في دلالته على نفي حكم المستثنى منه عن المستثنى ، ولكنّ المهمّ تحقيق أنّ المنفي عن المستثنى بدلالة أداة الاستثناء هل هو طبيعي الحكم أو شخص ذلك الحكم؟
جملة الاستثناء ، كقولنا : ( أكرم الفقراء إلا الفسّاق ) ، والاستثناء لغة يدلّ على إخراج شيء عن الحكم الثابت في المستثنى منه ، وهذا معناه أنّ الفسّاق لا يشملهم الحكم بوجوب الإكرام ، فهي تستبطن الدلالة على التوقّف ؛ لأنّ الوجوب متوقّف على غير الفسّاق.
ولذلك فهي تدلّ على الربط المخصوص الموجب للانتفاء عند الانتفاء ، فيكون مسلك المحقّق العراقي تامّا هنا أيضا ، بمعنى أنّ البحث يجب أن ينصبّ على أنّه هل يمكن إثبات أنّ المنتفي هو الطبيعي أو لا يمكن ذلك بعد الفراغ من كونها تفيد انتفاء شخص الحكم عن المستثنى تطبيقا لقاعدة احترازيّة القيود؟
والشاهد على أنّها تدلّ على الانتفاء عند الانتفاء هو التعارض عرفا بين قولنا : ( أكرم الفقراء إلا الفسّاق ) وبين قولنا : ( أكرم الفسّاق ).
والاستثناء كالغاية له حالات أربع أيضا :
١ ـ أن يكون الاستثناء راجعا للمتعلّق ، كقولنا : ( أكرم الفقراء إلا الفسّاق ) فهنا الاستثناء من وجوب الإكرام ، وكقولنا : ( لا تصدّق إلا الثقة ).
٢ ـ أن يكون الاستثناء راجعا للموضوع ، كقوله تعالى : ( وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ ) فهنا الاستثناء للمرأة من أحد ، وكذا قولنا ( أكرم العالم غير الفاسق ).
٣ ـ أن يكون الاستثناء راجعا للحكم كقولنا : ( إكرام الفقراء واجب إلا الفسّاق ) فالاستثناء من الوجوب.