بين مفاد أكرم والوصف انتفاء تلك الحصّة الخاصّة عند انتفاء العدالة ـ وهذا واضح ـ لانتفاء طبيعي الحكم.
والصحيح أنّ الإطلاق وقرينة الحكمة لا يمكن إجراؤها في مفاد الهيئة.
وتوضيح ذلك : أنّ قولنا : ( أكرم الفقير العادل ) تدلّ هيئة ( أكرم ) فيه على وجوب الإكرام ، وهذا الوجوب مقيّد بالإكرام بحيث تجب هذه المادّة لا غيرها ، وهذا ناتج عن طبيعة العلاقة بين الحكم والمادّة التي ينصبّ عليها بحيث يكون هناك نسبة بين الحكم ومادّته وكلّ منهما يقع طرفا لهذه النسبة.
ثمّ إنّ الإكرام المدلول عليه من مادّة ( أكرم ) مقيّد أيضا بالفقير ؛ لأنّ وجوب الإكرام موضوعه الفقير فيكون هناك نسبة أخرى طرفها الأوّل وجوب الإكرام والثاني الفقير.
ثمّ إنّ الموضوع وهو الفقير مقيّد أيضا بوصف العدالة فهناك نسبة ثالثة بين الفقير والعدالة تنتج تقيّد الفقير بالعدالة تقيّد الوصف بموصوفه.
وينتج من خلال هذه النسب الثلاث أو من هذه التقييدات الثلاثة أنّ وجوب الإكرام مقيّد بالفقير العادل ، فهناك نسبة واحدة من مجموع هذه النسب وهي أنّ وجوب الإكرام منصبّ على الفقير العادل ، وهذا يعني أنّ هذا الوجوب له حصّة خاصّة من الفقير وهو خصوص العادل لا مطلق الفقير ، وهذا معناه أنّ هناك حصّة خاصّة من وجوب الإكرام وهي وجوب إكرام الفقير العادل على نحو القضيّة الموجبة الجزئيّة ، فيثبت للفقير العادل وجوب إكرام ، وأمّا غيره فمسكوت عنه سلبا وإيجابا.
ومنشأ ذلك أنّ وجوب الإكرام قد حصّص إلى حصص متعدّدة وإحدى هذه الحصص هي وجوب إكرام الفقير العادل ؛ لأنّ كلّ نسبة تقييديّة من هذه النسب هي نسبة ناقصة ، والنسبة الناقصة توجب التحصيص ، فينتج من المجموع نسبة تقييديّة محصّصة بحصّة خاصّة.
والحاصل : أنّ هذا الربط المخصوص بين مفاد أكرم والوصف أي بين وجوب إكرام الفقير وبين العادل مفاده كون هذا الوجوب الثابت هو حصّة خاصّة من الوجوب لا مطلق الوجوب ؛ لأنّ الوصف يفيد التحصيص ، فالثابت هو شخص الحكم والمنتفي هو شخص الحكم أيضا لا الطبيعي.