الموافق للكتاب
على المخالف له وبتقديم المخالف للعامة على الموافق لهم ، كما في مقبولة عمر بن
حنظلة ومرفوعة زرارة حيث ورد فيهما : « ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسّنة وخالف
العامّة فيؤخذ به ».
وتقريب الاستدلال
بها أن يقال : إنّ الخبر الذي لا يكون حجّة في نفسه لا معنى لمعالجة معارضته فإذا
لم يكن خبر الواحد حجّة فلا معنى لعلاج تعارضه مع غيره ، لأنّه إذا كان لا يعمل به
لو جاء وحده فكذلك لو كان له معارض.
وعليه ، فروايات
العلاج تدلّ بالالتزام على أنّ الخبر في نفسه حجّة ويجب العمل به ولأجل ذلك فإذا
كان هناك خبر آخر معارضا للخبر السابق فإنّ المكلّف سوف يقع في الحيرة في مقام
الأخذ والعمل لأنهما متعارضان ، فجاءت هذه الروايات لحل التعارض كما هو منطوقها
ومدلولها المطابقي ، ولتدل بالالتزام على أنهما حجّة في أنفسهما لو لا المعارضة.
وفيه : أنّ روايات
الترجيح المذكورة تتناسب أيضا مع علاج الخبرين الذين ثبت قطعا صدورهما من الشارع
دون غيرهما ، وهذا معناه أنّه إذا قطع بخبر فيجب العمل به فإذا كان له خبر آخر
معارض له قطعي الصدور أيضا فحيث إنّه يجب العمل بمثل هذين الخبرين جاءت الروايات
لتعالج هذا التعارض ، ولا دلالة فيها على أنّ كل خبرين يقع بينهما التعارض يعالجان
بهذا النحو ؛ إذ من الواضح أنّه لو كان أحدهما حجّة دون الآخر فإنّه يطرح الآخر
ويعمل بما هو حجّة.
وليست هذه
الروايات بصدد بيان أصل الحجيّة وإنّما هي تبيّن علاج المعارضة بين الخبرين الذين
ثبتت حجيتهما ، وأمّا كيف كانا حجّة فهذا لا تتعرض له هذه الأخبار ، وعليه فيحتمل
كونهما حجّة لأجل القطع بصدورهما فكيف يمكن الاستدلال بها على حجيّة كل خبر مع
وجود هذا الاحتمال.
والحاصل : أنّ
علاج التعارض لا يتوقّف على فرض حجيّة الخبر مطلقا ، سواء علم به أم لا ، وسواء
قطع بصدوره أم لا بل يمكن فرضها على تقدير القطع بصدور الخبرين.
الطائفة
التاسعة : ما ورد في الخبرين المتعارضين من الترجيح بالأوثقية ونحوها من
الصفات الدخيلة في زيادة قيمة الخبر وقوّة الظن بصدوره. وتقريب الاستدلال كما
تقدّم في الطائفة السابقة.