ومن
هنا كان اشتمال كلّ خبر على نفس التفاصيل التي يشتمل عليها الخبر الآخر مؤدّيا إلى
تزايد احتمال الصدق بصورة كبيرة.
والمضعّف الكيفي
في هذه الحالة يختلف بين ما إذا كان النقل دقيقا جدّا بحيث كان المدلول المطابقي
للجميع واحدا في اللفظ والمعنى ، وبين ما إذا كان المدلول المطابقي متّفقا بالمعنى
دون الألفاظ ، فلأنّه إذا كان نقل التفاصيل كاملة في كلّ الأخبار بنحو واحد ، كان
احتمال الكذب واجتماع المصالح على ذلك المحور الضيّق جدّا أبعد بكثير ممّا إذا
اختلفوا في نقل التفاصيل أو نقلها البعض دون الآخر.
فلو أنّهم جميعا
أخبروا بكافّة التفاصيل التي تمّت فيها تلك الحادثة ، كذبح حاتم الجزور لضيوفه
بحيث نقل الجميع عدد الضيوف وكيفيّة الذبح والمناسبة لذلك وتاريخها ومكانها ، كان
ذلك أقوى وأرسخ ممّا لو نقل البعض ذلك أو اختلفوا في بعض هذه التفاصيل ، وهذا سوف
يؤثّر سرعة ورسوخا على اليقين. فإنّه إذا كان هناك اتّفاق في كافّة التفاصيل فسوف
يكون احتمال الصدق كبيرا جدّا ، واحتمال الكذب ضئيلا جدّا ، ويكون حصول اليقين
أسرع ولا يحتاج إلى مفردات كثيرة ، بخلاف ما إذا تفاوت نقل التفاصيل زيادة ونقصانا
، فإنّه يحتاج إلى مفردات أكثر من السابق ويكون حصول اليقين أقلّ سرعة منه كما هو
واضح.
ومن
أهمّ أمثلة ذلك : التطابق في صيغة الكلام المنقول ، كما إذا نقل الجميع كلاما لشخص
بلفظ واحد ؛ لأنّنا نتساءل حينئذ : هل اتّفق أن كانت للجميع مصلحة في إبراز نفس
الألفاظ بعينها مع إمكان أداء المعنى نفسه بألفاظ أخرى؟! أو كان هذا التطابق في
الألفاظ عفويّا وصدفة؟! وكلّ ذلك بعيد بحساب الاحتمالات.
ومن
هنا نستكشف أنّ هذا التطابق ناتج عن واقعيّة القضيّة وتقيّد الجميع بنقل ما وقع
بالضبط.
ومن أهمّ أمثلة
التطابق والتوحّد في المدلول المطابقي والخصوصيّات هو التطابق في صيغة الكلام
المنقول بلفظه ، فإذا أخبر الجميع بخبر واحد متّفق لفظا ومعنى وبكافّة التفاصيل
والخصوصيّات كان ذلك أقوى وأشدّ بكثير من اختلافهم في ذلك.
لأنّنا نتساءل هنا
: هل اتّفق صدفة أن كانت مصالح الجميع في الكذب أن ينقلوا