الحالة
الثانية : أن يوجد بين المدلولات الخبريّة جانب مشترك يشكّل مدلولا تحليليّا لكلّ
خبر ، إمّا على نسق المدلول التضمّني أو على نسق المدلول الالتزامي ، مع عدم
التطابق في المدلول المطابقي بكامله ، كالإخبارات عن قضايا متغايرة ولكنّها تتضمّن
جميعا مظاهر من كرم حاتم مثلا.
القسم الثاني هو التواتر المعنوي : والمقصود من التواتر المعنوي هنا خصوص قسميه التضمّني
والالتزامي ، وأمّا القسم الثالث من التواتر المعنوي فهو داخل في الحالة الثالثة
أي التواتر اللفظي ، كما سيأتي.
والتواتر المعنوي
هنا أن يكون هناك قاسم مشترك بين الإخبارات بحيث يكون هذا الجانب مدلولا تحليليّا
لكلّ خبر ، بمعنى أنّه إذا أردنا أن نحلّل كلّ خبر وجدنا أنّه يدلّ على هذا الجانب
إمّا بالتضمّن أو بالالتزام ، إلا أنّه لا يوجد اتّفاق وتطابق بين هذه الإخبارات
لا باللفظ ، فكلّ خبر له لفظ يختلف عن الآخر ، ولا بالمعنى المطابقي فكلّ خبر له
مدلول مطابقي غير الآخر.
مثال ذلك : أن
يخبر الأوّل عن كون زيد قد قرأ كتابا في النحو ، والثاني على أنّه قرأ بعض كتاب من
المنطق ، والثالث على أنّه طالع كتب الشعر والأدب ، وهكذا...
فهذه الإخبارات
مختلفة لفظا ومعنى من حيث المدلول المطابقي ، ولكنّها بالتحليل يوجد جانب مشترك
بينها ، وهي أنّه قد قرأ بعض الصفحات على الأقلّ وهذا مدلول تضمّني تحليلي لكلّ
خبر.
أو أن يخبر شخص عن
كون حاتم قد ذبح جزورا لضيوفه ، وآخر على أنّه تصدّق بماله ، والثالث على أنّه
يطعم الفقراء ، وهكذا... فإنّ هذه الإخبارات كلّها تدلّ بالتحليل عن كونه كريما ،
وهذا مدلول التزامي لكلّ خبر من هذه الإخبارات المختلفة باللفظ والمعنى أي المدلول
المطابقي.
فهنا هل يمكننا أن
نثبت بالتواتر هذا المدلول التضمّني أو الالتزامي
أو لا يمكننا ذلك؟
والجواب : أنّه
يمكننا ذلك ونصل إلى اليقين أيضا ؛ وذلك لوجود المضعّف الكمّي والمضعّف الكيفي
أيضا ، وبيان ذلك :
ولا
شكّ هنا في وجود المضعّف الكمّي الذي رأيناه في الحالة السابقة ، يضاف