٥ ـ أكرم العالم وأكرم الفقيه ، وهذا لم يذكر في الكتاب ، والتعارض فيه بين المطلق والمقيد هنا ليس من ناحية وحدة الجعل وتعدده ، فإنّه لا يعقل تعدد الجعل والوجوب في المقيّد إذا كانا شموليين ، فإنّ الفرد الواحد لا يمكن أن يجب فيه حكمان متماثلان بحيث يجب اكرام الفقيه بوجوبين ، فلا يقاس بالمطلق البدلي ـ وسيأتي مزيد توضيح لذلك في المقيد المنفصل ـ.
وإنّما نكتة التعارض في هذا القسم منافاة المطلق مع ظهور القيد في الاحترازية ؛ إذ لو كان يجب اكرام كل عالم وهو يعمّ كل فقيه أيضاً فلماذا اخذ في الخطاب الآخر الفقيه قيداً في الموضوع ، فبقاعدة احترازية القيود لابد وأن يحمل المطلق على المقيّد ، وإلاّ يصبح ذكره لغواً.
وسيأتي في البحث عن هذا القسم في المقيّد المنفصل انّ هذا لا يقتضي حمل المطلق على المقيّد ، بل غايته ثبوت المفهوم بمقدار السالبة الجزئية لا أكثر ، إلاّ أنّه في المقام حيث انّ المقيّد متصل بالمطلق فقد يوجب اجمال الإطلاق فيه حتى إذا كان هناك قدر متيقن للسالبة الجزئية في مورد افتراق المطلق عن المقيد ما لم يستظهر انّ ذكر القيد من جهة التأكيد عليه أو أيّة نكتة اخرى بحيث لا يكون ذكره ظاهراً في الاحترازية ، كما لا يبعد ذلك في أكثر الموارد ، ولعلّه لهذا لم يفهم المشهور التعارض من دليلين مثبتين كذلك.
٢ ـ والمقيّد المنفصل على أقسام أيضاً :
١ ـ أن يكون ناظراً ومفسراً وقرينة على المراد من المطلق ( وهذا هو القسم الأوّل والثاني في المقيد المتصل فرض هنا وروده منفصلاً ) وهنا لا اشكال في التقديم امّا لارتفاع موضوع الإطلاق بناءً على انّ من مقدمات الحكمة عدم البيان حتى المنفصل أو للقرينية الشخصية والحكومة أو النوعية.