أمّا البحث الأوّل والذي تعرض له السيد الشهيد فقد أفاد ما محصله : انّ التنافي هنا ليس في المبادىء بل في مقتضيات الحكم أي التحريك ، حيث لا يمكن التحريك نحو الجمع بين الضدين لكونه غير مقدور وحينئذٍ إن لم تكن القدرة قيداً في التكليف أصلاً. فلا موضوع لهذا البحث حيث يبقى الخطابان على اطلاقيهما ، ولهذا جعلنا ذلك شرطاً في البحث عن الترتب ، وإن كان قيداً للخطاب فإن كان بحكم العقل من باب قبح الالجاء في المخالفة والعصيان أو اللغوية فهذا من الواضح انّه يكفي فيه التقييد بعدم تنجز الآخر ، حيث لا عصيان في فرض عدم التنجز فلا إلجاء كما لا لغويّة.
وإن كان من باب مقيدية الظهور في التحريك والبعث الذي هو غرض تكويني للمولى من وراء الجعل والخطاب فهذا الغرض لو اريد به التحريك الفعلي المطلق ـ الاحتمالان الأوّل والثاني ـ فهو غير معقول نحو الضدين ، إلاّ انّ هذا غير محتمل ؛ للزوم عدم توجّه المولى إلى أنّ العاصي والجاهل لا يتحركان بالفعل من الخطاب ، أو تخصيص الخطاب بالمطيع والعالم ، فلابد وأن يكون المقصود من داعي التحريك للمولى التحريك الاقتضائي اللولائي ، أي لو وصل إليه وتنجز عليه وكان مطيعاً لمولاه لتحرك ، وصدق القضية الشرطية لا تستلزم صدق طرفيها ـ وهذا هو المراد من الاحتمال الثالث ـ وهذا النحو من التحريك لا ينافي التحريك نحو الضدين إذا كان أحدهما غير منجز عليه ، وهذا يعني انّه يكفي تقييد الخطاب المزاحم بعدم تنجز الآخر لا عدم واقعه.
وقد ذكر السيد الشهيد هنا نحواً خامساً لداعي الانبعاث وهو انبعاث كل مكلف حسب درجة انقياده ، فإذا كان ينقاد من احتمال التكليف غير المنجز مع ذلك كان المولى من غرضه بعثه وتحريكه ، وهذا المعنى لا يمكن أن يكون نحو