كما هو اليوم ، وإنّما كانت تبحث بشكل آخر ، وهو البحث عن دلالة الأمر بشيء على وجوب مقدمته أو حرمة ضدّه بالدلالة الالتزامية ، فكأنّ البحث عن دلالة لفظية التزامية للأمر ، ولهذا كان يبحث عنه ضمن دلالات الأمر ومباحث الألفاظ.
إلاّ انّ هذا النحو من البحث الاصولي بالتدريج قد نسخ وصار البحث عن كبرى الملازمة الثبوتية بين وجوب شيء ووجوب مقدمته أو حرمة ضده أو إمتناع وجوب شيء مع حرمته ولو بعنوان آخر وهكذا ، سواء كان الدال على الحكم لفظاً أم لا ، ولكن بقي البحث في محلّه من مباحث الألفاظ وهذا هو العامل التاريخي.
وأمّا العامل الفنّي فلأنّ قواعد الاستلزامات العقلية ليست مستقلة ، أي تحتاج دائماً إلى ضمّها إلى دليل على الحكم الملزوم لكي يثبت بها حكم شرعي آخر أو ينتفي ، وهذا إنّما يظهر أثره ويتحقق في الأدلّة اللفظية ، حيث يوجب ضمّها اليها تحقق دلالة التزامية معارضة أو مزاحمة مع دليل حكم آخر.
وأمّا الأدلّة القطعية فلا يعقل التعارض فيما بين دليلين قطعيين وإنّما لا يوجدان ، كما أنّ الاصول العملية لا تكون لوازمها حجة ؛ ولهذا كان المناسب أن يبحث عن بحث الاستلزامات ضمن مباحث الألفاظ من علم الاصول ؛ لكون آثارها وثمراتها المهمة المفيدة في الفقه ، إنّما تظهر في الأدلّة اللفظية عادة.
ص ٢٩٣ قوله : ( وهناك مسلكان لاثبات حرمة الضدّ الخاص ... ).
قد طبق كل من المسلكين بنحوين ، أي تارة من ناحية نفس المأمور به ـ وهو إزالة النجاسة عن المسجد مثلاً ـ حيث انّه متوقف أو ملازم بنحو مساوي أو