لا
يقال : بالامكان النهي
عن الجامع حتى مطلقاً والأمر بفرد منه بنحو الترتّب مشروطاً بعصيان حرمة الجامع ـ كما
يشهد به الوجدان ـ إذ قد يكون مفسدة أهم في الجامع مع وجود مصلحة في أحد فرديه ،
فإنّه في مثل ذلك للمولى أن ينهى عن الجامع مطلقاً ويأمر بالفرد مشروطاً لمن يريد
ارتكاب الجامع.
وأثره أنّ المكلّف
الذي يريد مخالفة النهي على كل حال ولكنه لا يريد مخالفة تكليفين سوف يرتكب الجامع
من خلال الفرد الواجب فيحفظ المصلحة الأقل فيه للمولى كما هو في سائر موارد
التزاحم.
فإنّه
يقال : يلزم من ذلك
اجتماع الوجوب والحرمة والحب والبغض في الفرد ؛ لأنّ حرمة الجامع انحلالية فتسري
إلى الفرد فيكون مبغوضاً ومحبوباً ومطلوباً فعله وتركه في آن واحد ، وهذا محال حتى
إذا قلنا بعدم سريان الوجوب في صورة العكس من الجامع إلى الفرد المبغوض ؛ لكون
الواجب بدلياً ـ كما سيأتي في بحث الاجتماع ـ فالامتناع هنا مسلّم عند الجميع ،
وما يفعله المولى في مورد الغرضين المذكورين إنّما هو تحريم الجامع وتحريم الفرد
الآخر ـ غير الفرد الواجب لولا الحرمة ـ بحرمة اخرى نظير الأمر بالجامع وأمر آخر
بحصّة منه لملاك زائد فيها على مصلحة الجامع ؛ لأنّه بحسب الحقيقة توجد مفسدة
فعلية ومبغوضية في الجامع ـ ولو بعد الكسر والانكسار مع مصلحة الواجب الأقل ـ ومفسدة
أكثر ومبغوضية أشد في الفرد الآخر ، وهذا يقتضي جعل حرمتين كذلك ، وتكون نتيجته
نفس النتيجة ، أي من يمتثل تمام تكاليف المولى سوف لا يرتكب الجامع أصلاً ، فلا
مخالفة له أصلاً ، ومن يريد ارتكاب الجامع ولكنه لا يريد مخالفة زائدة أي مخالفة
تكليفين فسوف يرتكب الجامع من خلال الفرد الواجب ـ لولا النهي ـ فيحصل المولى على
أحد غرضيه.