لا يمكن اثبات النفسيّة في تمام الحالات والموارد ، وانّ التقريبات الثلاثة الاولى للاطلاق ـ وهي ظاهر الكفاية والمشهور ـ لا تتم في تمام الحالات ، ومن هنا احتيج إلى اثبات النفسية بأحد التقريبين الرابع أو الخامس بنحو الدلالة المطابقية ، أي بالنظر إلى ذات الأمر المنشأ وخصوصيته من حيث هو أمر لا بلحاظ اطلاقه الأحوالي لصيغته أو مادّته ، نظير ما تقدّم في اثبات الوجوب من إطلاق الطلب والأمر ، لكون الاستحباب قيده وحدّه عدمي ، بخلاف الطلب الوجوبي ، فيكون مقتضى السكوت أو أصالة التطابق ارادة الوجوب لا الاستحباب ما لم ينصب قرينة عليه.
إلاّ انّ كلا هذين التقريبين ـ لو تمّا من حيث نفسيهما ـ فإنّما يتمّان في مورد يرجع فيه القيد الوجودي والعدمي إلى نفس الطلب ، ومفاد الأمر لا شيء خارج عنه ، وفي المقام كون الطلب الغيري ترشحياً ناشئاً عن أمر وطلب آخر أو غير ناشئ منه لا يرجع إلى خصوصية في مفاد الأمر والطلب نفسه ، بل إلى منشئه وملاكه وهو أمر أجنبي عن مفاد الأمر ، ولا يكون إطلاق الأمر متكفلاً للكشف عنه بوجه أصلاً. فلا يصح قياس المقام بالأمر الاستحبابي والوجوبي اللذان يرجعان إلى شدة وضعف نفس الأمر ولو عرفاً ، فهذان التقريبان أيضاً لا يمكن المساعدة عليهما.
وأمّا ما جاء في بعض الكلمات من أنّ الغيرية والتعيينية والعينية كالوجوب يثبت بحكم العقل أو العقلاء فهو كما ترى لا يرجع إلى محصَّل.
والصحيح أن يقال : حيث انّ الأمر أو الارادة الغيرية على القول به ليست له محركيّة أصلاً ـ كما سيأتي في محله ـ وحيث انّ الأوامر الشرعية ظاهرة في التحريك المولوي نحو متعلقاتها فهذا الظهور يناسب الأمر النفسي لا الغيري ؛