والأمر والنهي.
ومن هنا تأتي الانشائية لهذه المعاني ويصح كلام المشهور من أنّ أدوات الانشاء وضعت لايجاد أو انشاء المعنى باللفظ في مثل هذه المعاني من دون محذور ، إلاّ انّ هذه الايجادية غير ايجادية الحروف والنسب ، فلا ينبغي الخلط بينهما ، وقد شرحنا ذلك أيضاً في تعليقاتنا على الجزء الأوّل.
وأمّا المدلول الوضعي للجمل والأدوات المتمحّضة في الانشاء بناءً على مسلك المشهور والمختار من كون الحاصل بالوضع إنّما هو الدلالة التصورية لا التصديقية ، فالمدلول لها نفس ايجاد تلك المعاني ، كالإشارة باليد أو السحب الخارجي مثلاً في الطلب ، ومن هنا ما يقال من الوضع للنسبة الطلبية أو الارسالية بلا موجب ، بل الموضوع له نفس ايجاد الارسال كالسحب باليد ، إلاّ أنّ هذا الارسال حالة شعورية وليست خارجية فحسب ، فيمكن أن نقول انّ الموضوع له تلك الاستجابة الحسية ـ وإن شئت سمّها بالتصورية ـ الحاصلة لشعور الشخص بالسحب والانسحاب وشعور المرسل بالتسبيب والدفع ، وهذه الاستجابة الشعورية تختلف عن تصور فعل الارسال المستعمل فيه اللفظ في موارد الاخبار عنه ، كما أنّها تختلف عن تصوّر مفهوم الارسال سواء كان مفهوماً اسمياً أو حرفياً ، ولكنها حالة ذهنية شعورية على كل حال ، فيمكن أن يكون الاحساس باللفظ سبباً لحصولها في النفس على حدّ حصول تصوّر المعاني الخارجية في النفس عند سماع الألفاظ الحاكية عنها ، وكما يكون ظاهر حال المتكلم عند اخطار تصوّر المعاني الخارجية باللفظ في ذهن السامع أنّه قاصد لها جداً ، كذلك في الجمل الانشائية يكون ظاهر حال من يوجد تلك الاستجابات في ذهن المخاطب انّه قاصد لها جداً.