معاً. فهذه نقطة فراغ لابد من ملئها على كل المسالك في حقيقة الوضع.
ص ٤٩ قوله : ( الاحتمال الثاني ... ).
ما ذكر في الهامش من الاعتراضات كلّها صحيحة.
وتحقيق الحال في الانشاء أن يقال : قال المشهور انّه ايجاد المعنى باللفظ ، وقيل في قبالهم بأنّه غير معقول ، فإنّ المعنى والمفهوم سواء كان محكيه خارج الذهن أو في الذهن والنفس ـ كالاعتباريات ـ ليس اللفظ من أسباب ايجاده أصلاً ، ومن هنا قالوا بأنّ الانشاء عبارة عن إبراز الاعتبار الذي هو أمر نفساني أو أي حالة نفسانية اخرى كالطلب والارادة والتمني والترجي ونحوها ، إلاّ انّ هذا يجعل الجملة الانشائية إخباراً عما في النفس من الحالات الاعتبارية أو الحقيقية ـ بحيث لو استعمل بدلاً عن الجمل الانشائية جملة خبرية كاشفة وحاكية عمّا في النفس من تلك الحالة كان المدلول واحداً مع وضوح عدم وحدة المدلولين ، بل قد لا يتحقق المعنى الانشائي بالثاني في كثير من الموارد ، كما انّه لا يشخص ما هو المدلول التصوري لأدوات الانشاء ، وفرقه عن المدلول التصوري للجملة الخبرية ـ كما أشرنا في الاشكالات ـ.
والصحيح انّ أدوات الانشاء إنّما تكون موضوعة لايجاد سنخ معانٍ ومفاهيم بطبيعتها تتحقق بالاستعمال واللفظ والابراز ، سواء كانت معاني اعتبارية كالعقود والمعاملات أو تكوينية كالترجي والتمني والطلب والنداء ونحوها ، فإنّ هذه المعاني ليست حقيقتها الاعتبارات والمجعولات ، فاعتبار تمليك مال بمال في عالم النفس ثمّ الاخبار عنها لا يكون بيعاً ما لم يحقق القرار المعاملي الانشائي الذي هو أمر ذهني وليس خارجياً ، أي الاستجابة الذهنية الحاصلة بالتعاقد والتوافق أو بالايقاع ويكون اللفظ صالحاً لايجادها ، وهكذا التمني والترجي