وثالثة : يمكن أن يستدل على مدعى صاحب الكفاية بوجدانية الفرق بين قولنا من له العلم وقولنا عالم حيث يتصور الذهن في الأوّل مفهوماً مركباً من قبيل ( غلام زيد ) الذي يلحظ فيه ( غلام ) و ( زيد ) مستقلاًّ ذهنياً رغم كون النسبة بينهما ناقصة خارجية. بينما في الثاني لا يتصور الذهن إلاّمفهوماً واحداً بسيطاً منتزعاً عمن له العلم.
وهذا الوجدان لا ينبغي إنكاره ، فإنّ الالهام الفطري للانسان يشهد وجداناً أننا نتعامل مع المشتقات كما نتعامل مع الأسماء الجامدة ، بمعنى أننا نجدها في عالم الذهن والتصور مفاهيم وحدانية منطبقة على مصاديقها الخارجية كانطباق الإنسان والحيوان على مصداقهما الخارجي ، أي عناوين منتزعة عن المصاديق الخارجية ومجعولة في الذهن لنفس تلك الوجودات ، غاية الأمر يختلف عن الجوامد في انّ انتزاع الجامد كأنّه انتزاع مطلق عن تلك الذات ، وليس بلحاظ جهة طارئة عرضية بخلاف المشتق حيث يكون هذا الانتزاع فيه بلحاظ وجود المبدأ الذي هو أمر عرضي زائل مع انحفاظ الذات ، فكأنّها عناوين منتزعة ما داميّة لا مطلقة ، بخلاف الجوامد إلاّما يكون منها كالمشتقات كالسيف والزوج.
والحاصل الذات والنسبة والمبدأ في جملة من له العلم الناقصة ملحوظ مستقلاًّ بخلافه في العالم فإنّه ليس كذلك وجداناً وإنّما يتبادر منه إلى الذهن تصور الموجود الخارجي للعالم كالانسان والحجر. نعم ، مبدأ العلم ملحوظ أيضاً بما هو حالة خاصة وحيثية تعليلية لانتزاع العنوان الاشتقاقي المنطبق على الذات التي لها العلم.