الاجمالي بصدور مجموعة من اخبار الثقات ، فان مقتضى منجزية العلم الاجمالي لزوم الاحتياط والعمل بكل خبر للثقة يحتمل صدوره ومن الواضح ان العلم الاجمالي لا يقتضي لزوم العمل بالخبر الدال على الاباحة ، فان العلم الاجمالي منجز في خصوص باب الوجوب والحرمة دون بقية الاحكام ، فمثلا لو على بان احد الانائين حرام وجب الاجتناب عنهما من باب الاحتياط ومنجزية العلم الاجمالي ، اما لو علم باباحة احد الانائين (١) فهل يجب ارتكاب كلا الانائين؟ كلا ، اذ الاحتياط يقتضي الاتيان بالواجب او ترك الحرام ولا يقتضي الاتيان بالمباح او تركه.
ب ـ ان الدليل المذكور قد لا يقتضي احيانا وجوب العمل بالخبر حتى اذا كان دالا على الوجوب او الحرمة. ولتوضيح ذلك نقول : يوجد في القرآن الكريم بعض العمومات الدالة على اباحة كل شيء كقوله تعالى « خلق لكم ما في الارض جميعا » (٢) ، ومثل هذا العموم حجة بلا اشكال ، اذ سنده قطعي ودلالته معتبرة لانه ظاهر في العموم والظهور حجة. وبعد هذا نقول لو ورد خبر ثقة يقول : لحم الارنب حرام فهذا الخبر مع انه يدل على التحريم ولكن مع ذلك لا يلزم الاخذ به ، لان لازم الاخذ به طرح العموم القرآني الدال بعمومه او اطلاقه على حليه لحم الارنب ، ومن الواضح ان طرح العموم القرآني الذي هو حجة جزما بخبر لم تثبت
__________________
(١) مع افتراض عدم الاطلاع على حال الاناء الثاني ، اما مع الاطلاع على انه محرم فهذا معناه العلم الاجمالي بحرمة احد الانائين.
(٢) فان اللام في قوله تعالى « لكم » تدل على النفع اي خلق لنفعكم ما في الارض جميعا ، ولازم ذلك حلية جميع ما في الارض ، وما خرج فانما يخرج بالمخصص.