قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

المعاد الجسماني

المعاد الجسماني

79/284
*

النَّارِ ) ، (١) مع أنه عدّ الدنيا لعباً ولهواً وزينةً تفاخراً بالأولادِ والأموالِ ، کما جاء في قوله تعالى : ( اعْلَمُوا أَنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلَادِ ) ، (٢) وکما هو معلوم « أنّما » تفيد الحصر ، فکيف يحصر ما هو مزرعة الآخرة باللعب واللهو و ... ، من دون أن تلحظ جهته الثانية ؟.

وقد أجاب بعضهم عن هذا التساؤل والاعتراض ، کما جاء في کتاب المعاد والقيامة للشيخ جوادي آملي : ( لا يعني بهذا أن موجودات عالم الدنيا لعب ولهو وليس لها هدف مخصوص ، بل کل هذه هي آيات إلهية وعلامة الأسرار الإلهية ، والدنيا تلک العقود الاعتبارية الخاصة التي لتنظيم الأمور الحياتية ؛ من يکون رئيساً ، ومن يکون عضواً ، لمن يکون هذا المال ، کيف تصير ملاکاً ؟ وکيف ننقله ... إلى أن قال : فهذه من العناوين والمقررات الاعتبارية للدينا ). (٣)

ويمکن أن يقال أو يعبر عن دنيا الإنسان بمعنى آخر ، وهو أن يتخذ موجودات هذا العالم الذي سخره الله تعالى له غايات لا وسائل يتوسل بها للوصول إلى الحق تعالى اسمه ، فيجثو عابداً فيصبح ويمسي ساجداً خاضعاً لها ، منهمکاً في طلبها ، عاکفاً عليها ، مشغولاً بها عن الحق تعالى ، فيکون أکبر همه الدنيا بما فيها من موجودات إمکانية فانية حقيرة ، يظن أنها باقية دائمة مستمرة ، فيذهب عمره في طلبها ، فلا هو باقياً لها ولا هي باقية له ، فيخرج منها مقهوراً آسفاً عليها تارکاً لها ، لم يأخذ معه شيئاً منها سوى حسراتٍ وآهاتٍ وأناتٍ ، يدعو على نفسه بالويلِ والثبورِ ، ويقول : يا ليتني قدمت لحياتي شيئاً ، يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله ، يا ليتني کنت تراباً ، يا ليتني کنت نسياً منسياً ، وعندئذ لا فائدة من جميع ذلک.

وبعد أن أصبح المراد واضحاً من المعنيين الماضيين ، نعود ثانية لإيفاء الوعد ، وذلک بتقرير البرهان المستنبط من جملة هذه الآيات السابقة الذکر على النهج المنطقي العقلي ، إليک التقرير :

ــــــــــــــــ

١. ص ، ٢٧.

٢. الحديد ، ٢٠.

٣. ص ٢٥٤.